وبذلك فاق قدره عن كتابه الفقيه، الذي عد من مآخذه كتاب نوادر الحكمة وكتب المحاسن، وفيهما من ضعاف الاخبار بزعمه وزعم المتأخرين ما لا يحصى، فإذا لا فرق فيما أدرجه فيه بين أن يقول: روي عن فلان وما أشبهه، أو يذكر حكم المسألة من غير استناد في الاعتبار والتعويل عليه.
الثاني: ما يظهر من مواضع من الكتاب أن ما يذكره متن الحديث.
ففي أحكام البئر: وإن وقعت في البئر فأرة، أو غيرها من الدواب فماتت، فعجن من مائها، فلا بأس بأكل ذلك الخبر إذا أصابته النار، وفي حديث آخر. أكلت النار ما فيه (1). فلولا أن الكلام الأول متن الخبر، لما كان لقوله:
وفي حديث آخر محل.
ومثله في غسل الجنابة. وإن اغتسلت من الجنابة ووجدت بللا، فإن كنت بلت قبل الغسل فلا تعد الغسل، وإن كنت لم تبل قبل الغسل فأعد الغسل وفي حديث آخر: إن لم تكن بلت فتوضأ (3).
ومثله في الخلل. وإن لم تدر اثنتين صليت أو خمسا، أو زدت أو نقصت، فتشهد وسلم، وصل ركعتين وأربع سجدات وأنت جالس بعد تسليمك. وفي حديث آخر تسجد سجدتين بغير ركوع، ولا قراءة (3).
ومثله في آخر الباب، وفي باب الصوم: إعلم أن الصوم على أربعين وجها، وساق الخبر المروي عن الزهري، عن السجاد عليه السلام - إلى أن قال - قال الزهري: وكيف يجزي صوم تطوع عن صوم فريضة (4)، مع أنه ما تعرض للراوي، ولا المروي عنه في صدر الخبر.