الخاتمة، نجد رعيلا من الفقهاء قد وقفوا إزاءها موقف الاعجاب، لما فيها من تحقيق ينم عن قابلية فذة ونادرة؟ ولهذا لم يكتم بعض الأصوليين إعجابه الشديد بهذه الفوائد، فصرح على رؤوس الاشهاد بأنهم - في بحوثهم الرجالية - كلهم عيال على النوري، مشيرا بذلك إلى ما في فوائد هذه الخاتمة من إبداع فل نظيره في فوائد كتب الحديث والرجال عند الشيعة الإمامية .
فالخاتمة إذا معرض فكري حافل بمختلف وجوه الآراء، إلى جنب الكثير من المخالفات والمنافرات في عويصات المسائل الحديثية، وهذا ما أملى على الشيخ النوري نوعا من الاسهاب في كشف غياهب تلكم المطالب عن موضوع ما رسم لها من فائدة في هذه الخاتمة.
والحق.. انها روضة رائعة من رياض علم الحديث، فيها من آيات الجمال ما يثبر إعجاب الناظر، ومن أفانين الورد وأريج الزهر ما ينعش المتنزه، ولكن تلك الروضة الغناء لم تخل من أشواك، وعلى الخبير المنقب أن يتحاشاها.
ومن آيات حسنها وجمالها انك واجد فيها مجموعة هائلة من رواة الحديث الشريف، مع دراسة تفصيلية لبعض المجهولين منهم، ممن لا دليل - في الظاهر - على كونه من المعروفين.
وما ان تحث الخطى مع المصنف في روضته حق يكشف لك عن أحوالهم بقرائن قد لا تخطر على بال أهل هذا الفن، وقد يريك أمورا لم ترد في كتاب رجالي قط تشهد على حسن حالهم فضلا عن وثاقتهم، وما أكثر ما يوقفك على أشياء لها دخل كبير في معرفة أحوال الغابرين، ولكن لم يلتفت إليها إلا القليل من النابغين في هذا الحقل المهم من الدراسة والتحقيق، وعندها ينتزع منك الاعتراف - شئت أم أبيت - بأن في هذه الخاتمة إحياء