غياهب الأوهام، ودستورا يرجع إليه في معرفة الحلال والحرام، ودليلا لرائد الفكر إذا تاه في مجاهل الشبهات، وسبيلا قصدا إلى مستور الاخبار ومخفي الروايات، وهاديا إلى كنوز من العلم لم تزل عن الابصار مخفية، وناشرا لاعلام هداية لم تزل من قبل مطوية، وطلع في آفاق المفاخر بدرا كاملا بعد السرار (1)، وعم نوره سائر الأمصار، وافتخر به هذا العصر على ما تقدمه من سائر الأعصار ، وأصبحت عيون الفضل به قريرة، ومسالك الأفهام به مستنيرة، ورأي العلماء منه بالعيان، ما زعموا خروجه عن (2) حد الامكان، ونظروا إلى درر متسقة، طالما اشتاقوا أن يروها ولو متفرقة.
ولما فاح مسك ختامه، ولاح كالبدر ليل تمامه، انتهى ميدان القلم إلى استدراك للفوائد، وما خفي على الشيخ المصنف (3) رحمه الله من غوالي الفرائد، فاشتمل - بحمد الله تعالى - كسابقه على فوائد جمة، ونفائس مهمة، لم تنل لآليها من قبل كف غائص، ولا دنت من آرام (4) كناسها حبالة قانص فكم من راو مجهول بين أبناء صنفه بينت فيها حاله، ومهجور لضعفه نبأت على أنه في غاية الجلالة، ومشتبه شخصه وحاله يزول عنه الشك والريب، ومطعون في دينه يظهر براءته عن وصمة العيب.
وكم من عالم ضاع اسمه في زوايا الخمول، ودرست من أبيات فضائله