فالإمام المهدي يجب أن يكون موجودا، ليكون الحجة ولئلا تخلو الأرض منه، بينما جميع الخلفاء السابقين، والملوك الحاكمين، قد أخنى عليهم الموت الذي لا مفر منه، ولم تقم الساعة التي واعدنا ربنا، في الحديث السالف: (لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش).
ثم أين النهضة العملاقة للإسلام من جديد، وتأسيس الدولة العالمية، والحكومة المهدية، وتطبيق قوانين السماء على الأرض، وإخراج الأرض خيراتها، وإنزال السماء بركاتها؟
أين من يملأ المعمورة كلها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا؟ كما في الحديث المتواتر المشهور: (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم، حتى يبعث رجلا من ولدي اسمه اسمي) (1)، (ويملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا) (2).
وأين وعد الله - والله لا يخلف الميعاد - في قوله سبحانه: " ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون "؟
وهل بقي من الاثني عشر غير الحجة ابن الحسن وهو قائمهم ومهديهم؟
فأنى يزحزحوها عن موضعها، موطن الرسالة، وشجرة النبوة، ومختلف الملائكة، ومهبط الروح الأمين، وكيف بغيره يعدلون، وعن مقامه السامي يصرفون، وهل تنطبق جميع الروايات على غيره؟ الذي يرضى به سكان السماوات والأرضين، ولولا وجوده الشريف، لما بقيت الأرض رمشة عين، لأنه الحجة على الخلائق من الإنس والجن أجمعين.
وهذا كتاب الإمامة والتبصرة من الحيرة الذي بين يديك، لشيخ القميين، و ثقة المحدثين، والد الشيخ الصدوق - رضوان الله عليهما - قد تكفل إماطة اللثام عن هذا الموضوع الخطير، لأنه يتوقف عليه قبول الأعمال، وانحطاط الأوزار الثقال، وبه تجمع الكلمة للعباد، وتعمر البلاد، وتصان الحرمات، وتقضى الحاجات.
فكشف - أعلى الله مقامه - الغطاء، بأجلى بيان، عن الحجج الذين لولاهم لما خلق الله الأكوان، وأحسن اختيار الأخبار، عن الهداة الأطهار، وأبان الحجة، و أوضح المحجة، وجعل إمامة آل بيت الرسول صلى الله عليه وآله أوضح من الشمس في رائعة النهار، ووجود الحجة الدائمة حق مثلما أنكم تنطقون، بالأدلة الناصعات، والبراهين الساطعات، بطرقه وأسانيده عن المعصومين (ع)، ولم يدع عذرا لذوي الأهواء، و