فقد أصبحوا بعد ارتحال الرسول الكريم، وما زالوا... كقطيع من الأغنام والشياه، في ليلة مطيرة شاتية، غاب عنها رعاتها، فعاث فيها عسلانها وذؤبانها، أو كفرخ صغير تقاذفته الرياح العاتية، والأعاصير الهوجاء، ذات اليمين وذات الشمال، وهو لا يزال غضا طريا، لم يقو له عود، ولما ينبت له ريش فينتصب كعمود.
فيا أيتها الأمة المتحيرة، التي ما زالت تتخبط تخبط الغريق، وتتعثر تعثر من يعشو عن الطريق.
ويا أيتها الأمة الخائضة في بحر المتاهات، وتسربلت بجلابيب الشبهات.
ويا أيتها الأمة المرحومة التي أوجفت بها مطايا الأهواء والآمال، فبضعت أوصالها، وابتعدت عن دار الوصال.
ويا أيتها الأمة التي نأت وتنكبت عن قصد السبيل، فأصبحت تئن بالجراح، تحت حراب الجلادين والرماح.
إليكم جميعا يا من ترغبون في الحق وإحقاقه، وتجانبون الباطل لإزهاقه، ألا فمن المفزع إذا من شفا جرف الهلكات؟
ألا من المنقذ من الضلالات إلى جميع الخيرات؟
ألا من المفرق بعد وفاة الرسول بين المحكمات والمتشابهات؟
ألا من الذين اصطفاهم الله من العباد؟
غير (آل محمد صلى الله عليه وآله الذين خصهم الله سبحانه بقوله ﴿ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات﴾ (1)، ألا من يعلم الكتاب بالاصطفاء والإيراث الإلهي؟
غير (آل البيت (ع)) الذين خصهم الجليل في محكم التأويل، بقوله: (وما يعلم تأويله إلا الله، والراسخون في العلم (2)...) الذين عندهم علم الكتاب (3)، وفصل الخطاب، والذين ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، إلى قيام يوم الدين.
وهم الذين قرنهم الرسول صلى الله عليه وآله بالكتاب، في قوله المتواتر المشهور: (إني تارك