حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مد بصري بين يديه من راكب وماش، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شئ عملنا به.
فأهل (1) بالتوحيد: " لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك " وأهل الناس بهذا الذي يهلون به، فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم شيئا منه، ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته.
قال جابر رضي الله عنه: لسنا ننوي إلا الحج: لسنا نعرف العمرة، حتى إذا أتينا البيت معه، استلم الركن، فرمل ثلاثا، ومشى أربعا، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام، فقرأ " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ".
فجعل المقام بينه وبين البيت.
فكان يقرأ في الركعتين " قل هو الله أحد " و " قل يا أيها الكافرون " ثم رجع إلى الركن فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا.
فلما دنا من الصفا قرأ: " إن الصفا والمروة من شعائر الله " أبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا، فرقي عليه حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة، فوحد الله وكبره وقال:
" لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شئ قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده (2)، "، ثم دعا بين ذلك، قال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة، حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي، سعى حتى إذا صعدنا مشى، حتى أتى المروة، ففعل على المروة كما فعل على الصفا.
حتى إذا كان آخر طوافه على المروة، فقال. " لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه