وراهن ربي مثل ما قد ورينني * وأحمى على أكبادهن المكاويا قلنا أما الآية فالمراد بها من أسرف وكذب بدليل وصفه لهم بقوله (ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون؟) ثم استثنى المؤمنين بقوله (الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا) ولان الغالب على الشعراء قلة الدين والكذب وقذف المحصنات وهجاء الأبرياء لا سيما من كان في ابتداء الاسلام ممن يهجو النبي صلى الله عليه وسلم ويهجو المسلمين ويعيب الاسلام ويمدح الكفار فوقع الذم على الأغلب واستثنى منهم من لا يفعل الخصال المذمومة فالآية دليل على إباحته ومدح أهله المتصفين بالصفات الجميلة، واما الخبر فقال أبو عبيد معناه أن يغلب عليه الشعر حتى يشغله عن القرآن والفقه وقيل المراد به ما كان هجاء وفحشا فما كان من الشعر يتضمن هجاء المسلمين والقدح في اعراضهم أو التشبب بامرأة بعينها بالافراط في وصفها فذكر أصحابنا أنه محرم وهذا ان أريد به أنه محرم على قائله فهو صحيح، وأما على راويه فلا يصح فإن المغازي يروى فيها قصائد الذين هاجوا بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينكر ذلك أحد، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في الشعر الذي تقاولت به الشعراء في يوم بدر وأحد وغيرهما الا قصيدة أمية بن أبي الصلت الحائية وكذلك يروى شعر قيس بن الحطيم في التشبب بعمرة بنت رواحة أخت عبد الله بن رواحة أم النعمان ابن بشير وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم قصيدة كعب بن زهير وفيها التشبب بسعاد ولم يزل الناس يروون أمثال هذا ولا ينكر وروينا ان النعمان بن بشير دخل مجلسا فيه رجل يغنيهم بقصيدة قيس بن الحطيم فلما دخل النعمان سكتوه من قبل ان فيها ذكر أمه فقال النعمان فلم يقل بأسا إنما قال
(٥٤)