دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين - صالح الورداني - الصفحة ٣٢٠
موسى وجرى موسى وراءه قد تم بأمر الله وإرادته كي ينزل نص تبرئته ويقطع دابر الإشاعات. وهذا قمة السفه والضلال. إذ فيه مساس بذات الله سبحانه وحكمته.
ولو كان هذا التصور صحيحا فلماذا اعترض موسى على أمر الله وأوسع الحجر ضربا..؟
لقد اعتبر الفقهاء إضافة أبو هريرة على الرواية كنص الرواية وامتداد لها كما فعلوا مع رواية إبراهيم السابقة وعكفوا على تفسيرها. واعتبرها النووي جزء من الرواية وهو ما يظهر من اعتماد إضافته كمعجزة ثانية لموسى.
ويروى عن الرسول (ص) قوله: " جاء ملك الموت إلى موسى (ع) فقال له: أجب ربك. فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها. فرجع الملك إلى الله تعالى فقال: إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت وقد فقأ عيني. فرد الله إليه عينه وقال ارجع إلى عبدي فقل الحياة تريد فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور فما توارت يدك من شعره فإنك تعيش بها سنة. قال - أي موسى - ثم مه.
قال الملك: ثم تموت " (1)..
قال الفقهاء: قوله أرسل ملك الموت إلى موسى في هذا الحديث مناقشات لبعض الملاحدة وأجوبة عديدة وتوجيهات حسنة للعلماء ومن جملة تلك ما ذكر القسطلاني: أرسل ملك الموت إلى موسى في صورة آدمي اختبارا وابتلاءا كابتلاء الخليل بالأمر بذبح ولده فلما جاءه ظنه آدميا حقيقة تسور عليه منزلة بغير إذنه ليوقع به مكروها. فلما تصور ذلك (ع) صكه أي لطمه على عينه التي ركبت في الصورة البشرية التي جاء فيها دون الصورة الملكية ففقأها (2)..
وهذه الرواية لا تقل سخافة عن سابقتها وإن كانت أدهى وأمر إذ تصور نبي الله موسى متحديا لقضاء الله معتديا على رسوله ملك الموت ومحدثا به عاهة. ولا يخفى أن الاعتداء على الله هو اعتداء على الله سبحانه. وهو ما نبرأ منه

(١) مسلم كتاب الفضائل. والبخاري كتاب الجنائز.
(2) مسلم. هامش باب من فضائل موسى..
(٣٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 ... » »»
الفهرست