مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ١٢١
فاستدعى قرصا من شعير يابسة وقعبا فيه ماء ثم كسر قطعة فألقاها في الماء ثم قال للرجل: تناولها فأخرجها فإذا هي فخذ طائر مشوي، ثم رمى له أخرى، وقال: تناولها فأخرجها فإذا هي قطعة من الحلوى، فقال الرجل: يا مولاي تضع لي كسرا يابسة فأجدها أنواع الطعام، فقال أمير المؤمنين عليه السلام:
نعم هذا الظاهر وذاك الباطن وإن أمرنا هكذا (1).
ومن ذلك: قصة فضة الجارية وأنها لما جاءت إلى بيت الزهراء عليها السلام ولما دخلت بيت النبوة ومعدن الرحمة ومنبع العصمة، ودار الحكمة وأم الأئمة، لم تجد هناك إلا السيف والدرع والرحى، وكانت فضة بنت ملك الهند وكان عندها ذخيرة من الأكسير، فأخذت قطعة من النحاس وألانتها وجعلتها على هيئة سمكة وألقت عليها الدواء وصبغتها ذهبا، فلما جاء أمير المؤمنين عليه السلام وضعتها بين يديه فلما رآها قال: أحسنت يا فضة لكن لو أذنبت الجسد لكن الصبغ أعلى والقيمة أغلى، فقالت: يا سيدي أتعرف هذا العلم؟ فقال: نعم، وهذا الطفل يعرفه وأشار إلى الحسن عليه السلام فجاء وقال كما قال أمير المؤمنين عليه السلام، ثم قال لها أمير المؤمنين: نحن نعرف أعظم من هذا، ثم أومى بيده، وإذا عنق من ذهب وكنوز سائرة، فقال: ضعيها مع أخواتها، فوضعتها فسارت (2).
ومن ذلك: ما رواه عمار بن ياسر قال: كنت مع سيدي أمير المؤمنين عليه السلام يوما في بعض صحاري الحيرة، وإذا راهب يضرب ناقوسه، فقال لي: يا عمار أتدري ما يقول الناقوس؟ فقلت: يا مولاي، وما تقول الخشبة؟ فقال: إنها تضرب مثلا للدنيا وتقول:
أهل الدنيا خلوا الدنيا * مهلا مهلا رفقا رفقا إن المولى صمد يبقى * حقا حقا صدقا صدقا يا مولانا إن الدنيا * قد أهوتنا واستغوتنا ما من يوم يمضي منها * إلا أوهت منا ركنا لسنا ندري ما قدمنا * فيها إلا إذ قد متنا قال عمار: فأتيت الراهب من الغد فقلت له: اضرب الناقوس.
فقال: وما تفعل به وأنت مسلم؟
فقلت: لأريك سره، قال: فأخذ يضرب ناقوسه، وأنا أتلو عليه ما يقول، فخر ساجدا وأسلم،

(١) بحار الأنوار: ٤١ / ٢٧٣ ح ٢٩ وفيه: الحلواء.
(٢) بحار الأنوار: ٤١ / 273 ح 29 بتفاوت بسيط.
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»