أعلام الدين في صفات المؤمنين - الديلمي - الصفحة ٢٥٦
والله - تبارك وتعالى - لا يعذب عبدا بعد التوبة والاستغفار إلا بسوء ظنه، وتقصيره في رجائه لله عز وجل، وسوء خلقه، واغتيابه للمؤمنين، وليس يحسن ظن عبد مؤمن بالله عز وجل إلا كان عند ظنه به، لأن الله تعالى كريم يستحي أن يخلف ظن عبده ورجاءه، فأحسنوا الظن بالله، وارغبوا إليه، فإن الله تعالى يقول: ﴿الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا﴾ (1) و (2).
وقد روي: أن الله تعالى قال: " أنا عند ظن عبدي بي، فلا يظن بي إلا خيرا " (3) وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: " الثقة بالله حصن لا يتحصن به إلا مؤمن، والتوكل عليه نجاة من كل سوء وحرز من كل عدو ".
وروي أن الله تعالى إذا حاسب الخلق، يبقى رجل قد فضلت سيئاته على حسناته، فتأخذه الملائكة إلى النار - وهو يتلفت - فيأمر الله برده، فيقول له: لم تتلفت؟ - وهو أعلم به - فيقول: يا رب، ما كان هذا حسن ظني بك، فيقول الله تعالى: ملائكتي، وعزتي وجلالي، ما أحسن هذا عبدي ظنه بي يوما، ولكن انطلقوا به إلى الجنة لا دعائه حسن الظن (4).
وروي أن الله تعالى يقول - حين يجمع بين الناس، ولبعضهم على بعض حقوق، وله قبله تبعات -: عبادي ما كان لي قبلكم فقد وهبته لكم، فهبوا لبعضكم تبعات بعض، وادخلوا الجنة جميعا برحمتي (5).
وبالجملة أن الله سبحانه وتعالى أمر بمكارم الأخلاق، من العفو والحلم والكرم والتجاوز والعطف والرحمة والإغضاء، ورغب في ذلك وأحب فاعله، ومقت تاركه، فهو سبحانه أحق بأن يعمل بما أمر به وأحبه، أفيأمر بهذه الخصال الحميدة الجميلة، ولا يعمل بها؟ حوشي من ذلك، وجل وعلا.

(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»