مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ٢٧
بالتحريك ما بين الفريضتين من كل ما يجب فيه الزكاة إنتهى فالتسع من الإبل نصاب وشنق فالنصاب خمس والشنق أربع بمعنى أنه لا يسقط من الفريضة شئ ولم تلفت الأربع سواء كان قبل تعلق الوجوب أم بعده أما الأول فواضح لحصول النصاب الذي هو سبب الوجوب بدونها بل وكذا الثاني إذ لا وجه لسقوط شئ من الفريضة بعد تحقق الوجوب ما دام محله باقيا إلا على تقدير أن يقال إن بلوغ النصاب سبب لثبوت الفريضة في جميع المال البالغ حد النصاب فما فوق حتى تبلغ نصابا أخر على سبيل الإشاعة والشركة في الجميع لا في خصوص النصاب ولكنك عرفت ضعف هذا القول ومخالفته لظاهر النصوص وصريح الفتاوى وسيأتي لذلك مزيد توضيح لدى التكلم في كيفية تعلقها بالعين إن شاء الله وكذا التسعة والثلاثون من البقر نصاب ووقص فالفريضة في الثلاثين والزائد عفو حتى يبلغ الأربعين وكذا مأة وعشرون من الغنم فإن نصابها أربعون والفرضية فيه وعفوها ما زاد حتى تبلغ مأة واحدى وعشرين وكذا ما بين النصب التي عددناها وقد عرفت أنفا إن فائدة الأربعمائة نصابا مع أن الفريضة التي تثبت بها هي الفريضة التي تثبت بالنصاب السابق أي الثلاثمائة وواحدة تظهر هاهنا أي محل الوجوب وعدم العفو المترتب عليه الضمان فإنه لو لم يكن الأربعمائة نصابا لكان ما بين الثلاثمأة والخمسمائة جميعه عفوا لم يكن يترتب على تلف شئ منه نقص في الفريضة بخلاف ما إذا كانت الأربعمأة نصابا فإن مقتضاه سقوط جزء من مأة جزء بتلف واحدة من أربعمأة بعد تعلق الوجوب وأما قبله فلا أثر له لقيام النصاب السابق مقامه في إيجاب الأربع شياه وإن أختلف محلها حيث أن الأربعمائة سبب لايجاب كل من الأربع في كل مأة من المأت الأربع وأما الثلاثمأة وواحدة فهي سبب لايجابها في مجموع هذا العدد الخاص وما يقال من أن المتجه عدم سقوط شئ بتلف الواحدة من الأربعمائة مطلقا ولو بعد تعلق الوجوب لكفاية الثلاثمأة وواحدة في إيجابها ففيه أن الثلاثمأة وواحدة المندرجة في ضمن الأربعمأة المؤثرة في إيجاب الأربع ساقطة عن الاعتبار وإلا لزم تأثيرها في إيجاب أربع أخرى غير ما وجبت بالأربعمائة إذ لا يعقل إيجاب تلك الفريضة التي أوجبتها الأربعمأة بعينها بسبب أخر في غير عين هذا المحل فقياس تلف واحدة من الأربعمائة بعد تعلق الوجوب وتحقق الأربعمائة بشرائط التأثير على تلفها قبله قياس مع الفارق كما لا يخفى ولا يضم مال إنسان إلى غيره وإن اجتمعت شرائط الخلطة وكانا في مكان واحد فيه تعريض على ما حكي عن بعض العامة من أن الخلطة بكسر الخاء وهي العشرة بجعل المالين ما لا واحدا فيجب زكاته على مالكيها سواء كانت خلطة أعيان كأربعين بين شريكين أو خلطة أو صاف كالاتحاد في المرعي و المشرب والمراح والفحل والحالب والمحلب مع تميز المالين وهو عندنا باطل لانتفاء ما يدل عليه بل قضاء جميع ما دل على اشتراط الملكية والنصاب بخلافه فإن مفادها ليس إلا اشتراط بلوغ ما ملكه من الأجناس الزكوية حد النصاب في وجوب الزكاة عليه كما هو واضح ويدل عليه أيضا خبر زرارة المروي عن العلل عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال قلت له مأتي درهم بين خمسة أناس أو عشرة وحال عليها الحول وهي عندهم أيجب عليهم زكاتها قال لا بمنزلة تلك يعني جوابه في الحرث ليس عليهم شئ حتى يتم لكل إنسان منهم مأتا درهم قلت وكذلك في الشاة والإبل والبقر والذهب والفضة وجميع الأموال قال نعم واستدل له أيضا بقوله (ع) في صحيحة محمد بن قيس المتقدمة ولا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق وفي رواية عبد الرحمن بن الحجاج أن محمد بن خالد سئل أبا عبد الله عليه السلام عن الصدقة فقال مر مصدقك ن لا يحشر من ماء إلى ماء ولا يجمع بين المتفرق ولا يفرق بين المجتمع بالحمل على الاجتماع في الملك وفيه أن هذه كلمة متشابهة قد رواها المخالفون عن النبي صلى الله عليه وآله واستدلوا بها أيضا لمذهبهم بحملها على إرادة الاجتماع في المكان كما ذكره العلامة في التذكرة وأجاب عن استدلالهم بأنا نحمله على أنه لا يجمع بين متفرق في الملك ليؤخذ منه الزكاة زكاة رجل واحد ولا يفرق بين مجتمع في الملك فإن الزكاة تجب على الواحد وإن تفرقت أمواله فالحق أن هذه العبارة بنفسها مجملة قابلة لمعان عديدة لا تنهض بنفسها شهادة لشئ من المذهبين ولعل الحكمة في أجمالها التقية وكيف كان فلا شبهة بل لا خلاف بيننا في أنه لا يضم مال إنسان إلى غيره بل يعتبر في مال كل واحد منهما بلوغ النصاب ولا يفرق بين مالي المالك الواحد ولو تباعد مكانهما بلا خلاف فيه بيننا كما صرح به في الجواهر وغيره إذ المدار على ما يستفاد من الاخبار على كونه مالكا للنصاب من غير فرق بين كونه مجتمعا أو متفرقا وربما يستدل له بالخبر المتقدم وفيه ما عرفت ونسب إلى بعض العامة القول بأنه إن كان بينهما مسافة القصر لو حظ كل منهما بانفراده وهو محجوج بما عرفت والله العالم. الشرط الثاني السوم: وهو لغة الرعي فلا تجب الزكاة في المعلوفة بلا خلاف فيه بيننا بل عن المعتبر أنه قول العلماء كافة إلا مالكا بل عن المنتهى لا خلاف فيه بين المسلمين ويدل عليه من الاخبار قوله عليه السلام في صحيحة الفضلاء أو حسنتهم المروية عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام في حديث زكاة الإبل وليس على العوامل شئ إنما ذلك على السائمة الراعية وفي حديث زكاة البقر ليس على النيف شئ ولا على الكسور شئ ولا على العوامل شئ وإنما الصدقة على السائمة الراعية وصحيحتهم الأخرى عنهما أيضا قالا ليس على العوامل من الإبل والبقر شئ وإنما الصدقات على السائمة الراعية الحديث وصحيحة زرارة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام هل على الفرس والبعير يكون للرجل يركبها شئ فقال لا ليس على ما يعلف شئ إنما الصدقة على السائمة المرسلة في مرجها عامها الذي يقتنيها فيه الرجل فأما ما سوى ذلك فليس فيه شئ وموثقة زرارة قال سئلت أبا جعفر عن صدقات الأموال فقال في تسعة أشياء ليس في غيرها شئ في الذهب والفضة والحنطة والشعير والتمر والزبيب والإبل والبقر والغنم السائمة وهي الراعية وليس في شئ من الحيوان غير هذه الثلاثة الأصناف شئ الحديث وحيث يعتبر في وجوب الزكاة السوم وهو لا يتحقق بالنسبة إلى السخال من حين النتاج التزم غير واحد كالمصنف في الكتاب والفاضل في جملة من كتبه والشهيد في اللمعة والمحقق الكركي والقطيفي والصيمري على ما حكي عنهم بأنه لا تجب الزكاة في السخال أي لا تجري في الحول إلا إذ استغنت عن الأمهات بالرعي لانتفاء صدق السائمة قبلها خلافا لصريح آخرين فأوجبوا فيها من حين النتاج بل ربما نسب هذا القول إلى المشهور بل عن ظاهر الخلاف الاجماع عليه واستدل له بإطلاق الأدلة أو عمومها كما في قوله عليه السلام في كل ثلاثين بقرة تبيع حولي وفي كل أربعين شاة شاة مع ما في بعضها كما في ذيل صحيحة أبي بصير من التصريح بأنه يعد صغيرها وكبيرها ولولا هذا التصريح لكان دعوى انصراف إطلاق الإبل والبقر والغنم عن السخال غير بعيدة وخصوص
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»