قوله عليه السلام في ذيل موثقة زرارة المتقدمة أنفا وكل شئ من هذه الثلاثة الأصناف فليس فيها شئ حتى يحول عليه الحول منذ يوم ينتج وفي صحيحته عن أبي جعفر عليه السلام قال ليس في صغار الإبل شئ حتى يحول عليه الحول من يوم تنتج وفي موثقته الأخرى عن أحدهما (ع) في حديث ما كان من هذه الأصناف الثلاثة الإبل والبقر والغنم فليس فيها شئ حتى يحول عليه الحول من يوم ينتج هذا مع أن المنساق من أدلة اعتبار السوم أرادته فيما من شأنه العلف والسوم فالحصر المستفاد من قوله عليه السلام إنما الصدقة على السائمة الراعية حصر إضافي بالنسبة إلى المعلوفة التي من شأنها أن تسوم الصغار في أول النتاج ليس من شأنها السوم ولا الاعتلاف فهذه الأخبار لا تصلح مقيدة لاطلاقات الأدلة لو سلم لها إطلاق من هذه الجهة فضلا عن صلاحيتها لمعارضة الأخبار الخاصة الظاهرة والصريحة في العموم فما ذهب إليه المشهور هو الأقوى وأما ما ذهب إليه بعض من الفرق بين ما لو ارتضعت بلبن المعلوفة أو السائمة فيلحق كل بما أرتضع منه في الحكم كما عن الشهيد في البيان فلعل وجهه دعوى أن مغروسية عدم زيادة حكم الفرع عن الأصل في الذهن مانعة عن استفادة إرادة الصغار التي لا يتعلق الزكاة بأمهاتها من إطلاقات أدلتها مع أن أخبار الباب بأسرها واردة مورد حكم أخر لا يمكن التمسك بإطلاقها لاثبات الوجوب في نتاج المعلوفة التي لا زكاة في أمهاتها أما إطلاقات أدلة الزكاة التي هي مثل قوله ليس فيما دون الخمس من الإبل شئ فإذا بلغت خمسا ففيها شاة فواضح وأما ما كان منها بصيغة العموم مثل قوله في ثلاثين كذا وفي كل خمسين وأربعين كذا فعمومها إنما هو بالنسبة أفراد النصب فكما أن تقييدها بكونها سائمة ليس تخصيصا في تلك العمومات فكذلك تقييدها بكونها مستغنية عن الأمهات بالرعي ليس تخصيصا فيها وبهذا ينقدح الخدشة في الاستدلال بهذه الاطلاقات والعمومات لاثبات أصل الحكم وإنما العمدة في ذلك هي الأخبار الخاصة وهي أيضا لا تدل على ثبوت الزكاة في صغار الانعام ككبارها من حين النتاج على سبيل الاجمال فلا ينافيه اشتراط كون الصغار من توابع السائمة وكونها بحيث لو استغنت عن الأمهات لكان استغنائها بمقتضى شأنها بالسوم لا بالعلف كاشتراط الكبار بكونها سائمة فالالتزام بهذا التفضيل لا يخلو من وجه والله العالم ولا بد من استمرار السوم جملة من الحول كما يدل عليه قوله عليه السلام في صحيحة زرارة المتقدمة انما الصدقة على السائمة المرسلة في مرجها عامها الذي يقتنيها فيه الرجل والمرج بالجيم مرعى الدواب والمراد بالمرسلة في مرجها عامها كونها مرسلة فيها وقت الرعي فلا ينافيه الرجوع إلى أهلها للمبيت ونحوه كما أن المراد باستمرار السوم جملة الحول اتصافها في تمام الحول بكونها سائمة وإلا فقد تنام أو تسكن أو تشرب أو تمرض يوما أو يومين فلا يأكل شيئا ولا ينافي شئ من ذلك اتصافها عرفا بكونها سائمة في مقابل المعلوفة وقد أختلف كلماتهم فيما يتحقق به السوم وما ينقطع به فذهب المصنف وجملة ممن تأخر عنه على ما حكي عنهم إلى أنه لو علفها بعضا ولو يوما أستأنف الحول عند استيناف السوم ولكنهم اعترفوا بأنه لا اعتبار باللحظة عادة وعن العلامة في التذكرة والشهيد والمحقق الثانيين وبعض من تأخر عنهم أحالته إلى العرف بل في الحدائق الظاهر أن هذا هو المشهور بين المتأخرين وأختاره صريحا شيخنا المرتضى (ره) مصرحا بعدم كون العلف يوما أو يومين لعارض على خلاف العادة ومنافياته وقيل يعتبر في اجتماع السوم والعلف الأغلب وفي المدارك نسب هذا القول إلى الشيخ في المبسوط والخلاف ثم قال واستدل المصنف في المعتبر لهذا القول بأن اسم السوم لا يزول بالعلف اليسير وبأنه لو أعتبر السوم في جميع الحول لما وجبت الزكاة إلا في الأقل وبأن الأغلب يعتبر في سقي الغلات فكذا السوم ثم رجح ما أختاره هنا من انقطاع السوم بالعلف اليسير و استدل عليه بأن السوم شرط الوجوب فكأن كالنصاب ثم قال وقولهم العلف اليسير لا يقطع ممنوع فإنه لا يقال للمعلوفة سائمة في حال علفها ثم قال في المدارك وفي الأدلة من الجانبين نظر أما الأول مما استدل به للشيخ فلان عدم زوال اسم السوم بالعلف اليسير لا يقتضي اعتبار الأغلب فإن غيره قد لا يكون يكون يسيرا وأما الثاني فلمنع الملازمة وبطلان اللازم وأما الثالث فلانه قياس محض وأما قوله أن السوم شرط الوجوب فكان كالنصاب فيتوجه عليه أن النصاب قد وقع التنصيص على اعتبار ملكه طول الحول فينقطع بخروجه عن الملك في أثنائه بخلاف السوم لعدم التصريح باعتبار دوامه يعني دوام نفس الفعل فيرجع في صدق اسم الوصف إلى العرف وقوله لا يقال للمعلوفة سائمة في حال علفها غير جيد إذ الظاهر عدم خروجها بالعلف اليسير عن كونها سائمة عرفا كما لا يخرج القصيدة العربية عن كونها عربية باشتمالها على بعض الألفاظ الأعجمية ومن هنا يظهر أن الأصح الرجوع في ذلك إلى العرف كما أختاره العلامة ومن تأخر عنه إنتهى ما في المدارك والذي يظهر من العبارة المنقولة عن المعتبر أن ما ذكره المتأخرون من أن الأصح الرجوع في ذلك إلى العرف هذا مما لا ينكره أحد وإنما الخلاف في تحقيق الصدق العرفي على سبيل الحقيقة من دون مسامحة فالمصنف منع ذلك وقال لا يقال للمعلوفة سائمة في حال علفها أي لا يقال عليها ذلك عرفا واستدل للقول برعاية الأغلب بأن اسم السوم لا يزول بالعلف اليسير يعني عرفا فالشأن إنما هو في تحقيق ذلك فأقول قد يطلق السائمة وكذا المعلوفة بمقتضى وضعهما اللغوي فيراد منهما ما تلبس بالمبدء بالفعل فإذا أمسكت السائمة عن المرعى ونامت وتلبست بالعلف يصح أن يقال أنها بالفعل ليست بسائمة بل نائمة أو معلوفة أو غير ذلك من الأوصاف المتلبسة بها فعلا وهكذا الكلام في المعلوفة وقد تطلقان ويراد منهما الاتصاف بحسب ما جرت عادتهما عليه من السوم والرعي وهذا المعنى هو المتبادر من إطلاق لفظ السائمة أو المعلوفة على الاطلاق فإذا قيل أن فلانا عنده خمسون أبلا سائمة لا يتبادر منه إلا أرادتها بهذا المعنى وهذا مما لا ينافيه الامساك عن السوم ولا التلبس بضده من مثل النوم والشرب وغيرهما بل ولا العلف اليسير لعارض فإنه لو علف هذه الإبل في يوم أو بعض يوم لعارض ثم سئل عن أن هذه الإبل التي عندك هل هي سائمة أو معلوفة لأجاب بأنها سائمة ولكن علفتها في هذا اليوم أو في الأمس ولا يخرج بذلك عرفا عن مصداق السائمة بالمعنى الذي يراد من أطلاقها لا يقال أن مقتضى ذلك عدم انقطاع السوم بالشهر والشهرين أيضا إذا كان لعارض مستمر فإنه يصح أن يقال أنها بالذات سائمة ولكن علفتها في هذا الشهر لكذا إلا إنا نقول فرق بين العلف في زمان يعتد به كالأسبوع والأسبوعين فضلا عن الشهر والشهرين وبين العلف وما فإنه لا يصح في الأول الجواب بأنها سائمة على الاطلاق بلا استدراك بخلاف الثاني لا لأجل أن العلف اليسير يلحق بالعدم عرفا كي يكون إطلاق
(٢٨)