سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٣٠٣
أن قال: وللعرش حملة. ومن زعم أن ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا له مخلوقة، والقرآن كلام الله، فهو جهمي. ومن لم يكفره، فهو مثله. وكلم الله موسى تكليما من فيه. إلى أن ذكر أشياء من هذا الأنموذج المنكر، والأشياء التي - والله - ما قالها الامام. فقاتل الله واضعها. ومن أسمج ما فيها قوله: ومن زعم أنه لا يرى التقليد، ولا يقلد دينه أحدا، فهذا قول فاسق عدو لله. فانظر إلى جهل المحدثين كيف يروون هذه الخرافة، ويسكتون عنها (1).
الدارقطني: حدثنا جعفر الخلدي (2)، أخبرنا العباس بن يوسف، حدثني عمي محمد بن إسماعيل بن العلاء، حدثني أبي، قال: دعاني رزق الله بن الكلوذاني، فقدم إلينا طعاما كثيرا، وفينا أحمد، وابن معين، وأبو خيثمة، فقدمت لوزينج أنفق عليها ثمانين درهما. فقال أبو خيثمة: هذا إسراف. فقال أحمد بن حنبل: لو أن الدنيا في مقدار لقمة، ثم أخذها مسلم، فوضعها في فم أخيه لما كان مسرفا. فقال له يحيى: صدقت.
وهذه حكاية منكرة.
قال حنبل بن إسحاق: سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله ينزل إلى سماء الدنيا " (3)، فقال: نؤمن بها، ونصدق

(1) رحم الله المؤلف، وجزاه عن الاسلام خيرا، فهو كما وصفه تلميذه الصلاح الصفدي 2 / 163 بأنه لم يكن عنده جمود المحدثين، ولا كودنة النقلة، بل هو فقيه، له دربة بأقوال الناس، ومذاهب الأئمة من السلف، وأرباب المقالات فهو لا يكاد يمر على حديث أو خبر في سنده ضعف أو في متنه نكارة حتى يعلق عليه، ويبين ما فيه بأسلوب علمي متزن.
(2) هو جعفر بن محمد بن نصير بن القاسم الخواص الخلدي، أبو محمد، أحد المشايخ الصوفية، صاحب الأحوال والمجاهدات والكرامات الظاهرة. توفي في رمضان 348 ه‍. انظر ترجمته ونسبته في " الأنساب " للسمعاني 5 / 161، 162.
(3) أخرجه البخاري 3 / 25 في التهجد: باب الدعاء والصلاة من آخر الليل، ومسلم (758) في صلاة المسافرين: باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، من طريق مالك، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة وأبي عبد الله الأغر، عن أبي هريرة أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال:
" ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له ".
(٣٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 ... » »»