سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٣٠٠
أحمد بن مروان الدينوري: حدثنا إدريس الحداد، قال: كان أحمد ابن حنبل إذا ضاق به الامر آجر نفسه من الحاكة، فسوى لهم، فلما كان أيام المحنة، وصرف إلى بيته، حمل إليه مال، فرده وهو محتاج إلى رغيف، فجعل عمه إسحاق يحسب ما يرد، فإذا هو نحو خمس مئة ألف. قال:
فقال: يا عم، لو طلبناه لم يأتنا، وإنما أتانا لما تركناه.
البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا الزبير بن عبد الواحد الحافظ، حدثنا إبراهيم بن عبد الواحد البلدي، سمعت جعفر بن محمد الطيالسي، يقول: صلى أحمد بن حنبل ويحيى بن معين في مسجد الرصافة، فقال قاص، فقال: حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين قالا: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن قتادة، عن أنس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال: لا إله إلا الله، خلق الله من كل كلمة طيرا، منقاره من ذهب، وريشه من مرجان ". وأخذ في قصة نحوا من عشرين ورقة (1)، وجعل أحمد ينظر إلى يحيى، ويحيى ينظر إلى أحمد، فقال: أنت حدثته بهذا؟ فيقول: والله ما سمعت به إلا الساعة. فسكتا حتى فرغ، وأخذ قطاعه، فقال له يحيى بيده: أن تعال. فجاء متوهما لنوال. فقال: من حدثك بهذا؟ فقال: أحمد وابن معين. فقال: أنا يحيى، وهذا أحمد، ما

(1) قال ابن القيم في " المنار المنيف " ص: 50: فصل: ونحن ننبه على أمور كلية يعرف بها كون الحديث موضوعا. فمنها اشتماله على أمثال هذه المجازفات التي لا يقول مثلها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهي كثيرة جدا، كقوله في الحديث المكذوب: من قال لا إله إلا الله، خلق الله من تلك الكلمة طائرا له سبعون ألف لسان، لكل لسان سبعون ألف لغة، يستغفرون الله له.
ومن فعل كذا وكذا، أعطي في الجنة سبعين ألف مدينة، في كل مدينة سبعون ألف قصر، في كل قصر سبعون ألف حوراء. وأمثال هذه المجازفات الباردة التي لا يخلو حال واضعها من أحد أمرين: إما أن يكون في غاية الجهل والحمق، وإما أن يكون زنديقا قصد التنقيص بالرسول، صلى الله عليه وسلم، بإضافة مثل هذه الكلمات إليه.
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»