تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٢٩٠
أي وضع كانوا قياما أو قعودا أو على جنوبهم أدركوها واجتنوها ونبت في الحال مكانها أخرى من جنسها كما ذكر في وصفها * (فيهن قاصرات الطرف) * مما يتصلون بها من النفوس الملكوتية التي في مراتبها وما تحتها سماوية كانت أو أرضية، مزكاة صافية مطهرة لا يجاوز نظرها مراتبهم ولا تطلب كمالا وراء كمالاتهم لكون استعداداتها مساوية لاستعداداهم أو أنقص منها، وإلا جاوزت جناتهم وارتفعت عن درجاتهم، فلم تكن قاصرات الطرف ولم تقنع بوصالهم ولذات معاشراتهم ومباشراتهم * (لم يطمثهن إنس قبلهم) * من النفوس البشرية لاختصاصها بهم في النشأة ولتقدس ذواتها وامتناع اتصال النفوس المنغمسة في الأبدان بها * (ولا جان) * من القوى الوهمية والنفوس الأرضية المحجوبة بالهيئات السفلية.
* (كأنهن الياقوت والمرجان) * شبهت اللواتي في جنة النفس من الحور بالياقوت لكون الياقوت مع حسنه وصفائه ورونقه وبهائه ذا لون أحمر يناسب لون النفس، واللواتي في جنة القلب بالمرجان لغاية بياضه ونوريته، وقيل: صغار الدر أصفى وأبيض من كبارها.
تفسير سورة الرحمن من [آية 60 - 75] * (هل جزاء الإحسان) * في العمل وهو العبادة مع الحضور * (إلا الإحسان) * في الثواب بحصول الكمال والوصول إلى الجنتين المذكورتين.
* (ومن دونهما) * أي: من ورائهما من مكان قريب منهما كما تقول: دونك الأسد، لا من دونهما بالنسبة إلى أصحابهما فيكون بمعنى قدامهما بل بمعنى بعدهما أو من غيرهما، كقوله: * (إنكم وما تعبدون من دون الله) * [الأنبياء، الآية: 98].
* (جنتان) * للمقربين السابقين، جنة الروح وجنة الذات في عين الجمع عند الشهود الذاتي بعد المشاهدة في مقام الروح * (مدهامتان) * أي: في غاية البهجة والحسن والنضارة.
* (فيهما عينان نضاختان) * أي: علم توحيد الذات وتوحيد الصفات أعني علم الفناء وعلم المشاهدة فإنهما ينبعان فيهما، بل العلمان المذكوران الجاريان في الجنتين المذكورتين منبعهما من هاتين الجنتين ينبعان منهما ويجريان إلى تينك.
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»