تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٩
إلى الآية 62] * (وإبراهيم الذي وفى) * حق الله عليه بتسليم الوجود إليه حال الفناء في التوحيد بالقيام بأمر العبودية وتبليغ الرسالة والنبوة في مقام الاستقامة أو أتم الكلمات التي ابتلاه الله بها وهي ما ذكر من الصفات. وقرئ: * (وفي) *، مخففا، أي: بعهده المأخوذ ميثاقه عليه في أول الفطرة بأن ثبت عليه حتى بلغ مقام التوحيد المشار إليه بقوله: * (إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض) * [الأنعام، الآية: 79] * (ألا تزر وازرة وزر أخرى) * لأن العقاب يترتب علي هيئات مظلمة رسخت في النفس بتكرار الأفاعيل والأقاويل السيئة التي هي الذنوب وكذلك الثواب إنما يترتب على أضدادها من هيئات الفضائل، كما قال تعالى: * (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) * بخلاف الحظوظ العاجلة المقسومة المقدرة وإن كانت تلك أيضا مستندة إلى قضاء من الله وقدر، لكلن المعتبر هو السبب القريب الموجب لكل منهما. النشأة الأخرى تقع على أمور ثلاثة:
الأول: إعادة الأرواح إلى الأجساد للحساب والجزاء المرتب على أعمال الخير والشر بالمصير إلى النار أو جنة الأفعال.
والثاني: هو العودة إلى الفطرة الأولى والرجوع إلى مقام القلب.
والثالث: هو العود إلى الوجود الموهوب الحقاني بعد الفناء التام.
والأول لا بد لكل أحد منه سواء كانت الأجساد نورانية أو ظلمانية دون الباقيين.
* (أزفت الآزفة) * إن حملت على القيامة الصغرى فقربها ظاهر، والكاشفة إما المبينة لوقتها أو الدافعة وإن حملت على الكبرى فقربها من وجهين: أحدهما القرب المعنوي لأنها أقرب شيء إلى كل أحد لكونه في عين الوحدة وإن كان هو بعيدا عنها لغفلته وعدم شعوره بها، والثاني: أن وجود محمد وبعثته عليها لسلام مقدمة دور الظهور وأحد أشراطه، ولهذا قال: ' بعثت أنا والساعة كهاتين ' وجمع بين السبابة والوسطى، وتظهر بوجود المهدي عليه السلام * (ليس لها من دون الله كاشفة) * أي: نفس مبينة لامتناع وجود غيره وعلمه عندها * (فاسجدوا لله) * بالفناء * (واعبدوا) * بالبقاء بعده، والله أعلم.
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»