المتقدمين والآخرون من أمته عليه السلام، بل العكس أولى أو ثلة من أوائل هذه الأمة الذين شاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم وأدركوا طراوة الوحي في زمانه أو قاربوا زمانه وشاهدوا من صحبه من التابعين، والآخرون هم الذين طال عليهم الأمد فقست قلوبهم في آخر دور الدعوة وقرب زمان خروج المهدي عليه السلام لا الذين هم في زمانه، فإن السابقين في زمانه أكثر لكونهم أصحاب القيامة الكبرى وأهل الكشف والظهور.
تفسير سورة الواقعة من [آية 15 - 24] * (على سرر موضونة) * أي: متواصلة متراصفة من الوجودات الموهوبة الحقانية المخصوصة بكل أحد منهم، كقوله عليه السلام: ' على منابر من نور ' أو على مراتب الصفات * (متكئين عليها) * متظاهرين فيها لكونها من مقاماتهم * (متقابلين) * متساوين في الرتب لا حجاب بينهم أصلا في عين الوحدة لتحققهم بالذات وتخيرهم في الظهور بأي صفة من الصفات شاؤوا بجمعهم المحبة الذاتية لا يحتجبون بالصفات عن الذات ولا بالذات عن الصفات. * (يطوف عليهم ولدان مخلدون) * تخدمهم قواهم الروحانية الدائمة بدولة ذواتهم أو الأحداث المستعدون من أهل الإرادة المتصلون بهم بفرط الإرادة، كما قال: * (بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم) * [الطور، الآية: 21] أو الملكوت السماوية.
* (بأكواب وأباريق) * من خمور الإدارة والمعرفة والمحبة والعشق والذوق ومياه الحكم والعلوم * (لا يصدعون عنها) * أي: كلها لذة لا ألم معها ولا خمار لكونهم واصلين واجدين لذة برد اليقين، شاربين الشراب الكافوري. فإن محبة الوصول خالصة عن ألم الشوق وخوف الفقدان * (ولا ينزفون) * لا يذهب تمييزهم وعقلهم بالسكر ولا يطفحون لكونهم أهل الصحو غير محجوبين بالذات عن الصفات فيلحقهم السكر ويغلب عليهم الحال * (وفاكهة) * من مواجيدهم وكشفياتهم الذوقية * (مما يتخيرون) * يأخذون خيره لأنهم واجدون جميعها فيختارون أصفاها وأبهاها وأشرفها وأسناها * (ولحم طير مما يشتهون) * من لطائف الحكم ودقائق المعاني المقوية لهم * (وحور عين) * من تجليات الصفات ومجردات الجبروت وما في مراتبهم من الأرواح المجردة * (كأمثال اللؤلؤ) * الرطب في صفائها ونوريتها * (المكنون) * في الأصداف أو المخزون لكونها في بطنان الغيب وخزائنه مستورة عن الأغيار من أهل الظاهر * (جزاء بما كانوا يعملون) * في حال الاستقامة من الأعمال الإلهية المقصودة لذاتها المقارنة لجزائها، أو بما كانوا يعملون في حال السلوك من أعمال التزكية والتصفية.