البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٥٣
القدير الثمر على رؤوس الأشجار أنه يعتبر فيه الوصف لأنه لا يمكن جسه. ولا بد في الوصف للأعمى من كون الموصوف على ما وصف له ليكون في حقه بمنزله الرؤية في حق البصير، كذا في البدائع. والحاصل كما في المعراج أن الخيار ثابت للأعمى لجهله بصفات المبيع فإذا زال ذلك بأي وجه كان سقط خياره ولذا قال في الكامل عن محمد: يعتبر اللمس في الثياب والحنطة، وحكي أن أعمى اشترى أيضا فقال قودوني إليها فقادوه فجعل عن محمد: يمس الأرض حتى انتهى إلى موضع منها فقال أموضع كدس هذا. قالوا لا فقال: هذه الأرض لا تصلح لأنها لا تكسو نفسها فكيف تكسوني وكان كما قال فإذا كان هذا الأعمى بهذه الصفة فرضى بها بعدما مسها سقط خياره اه‍. وقال الحسن: يوكل الأعمى وكيلا بقبضه وهو يسقط خياره. وقال في الهداية، وهذا أشبه بقول أبي حنيفة حيث جعل رؤية الوكيل رؤية الموكل، ولو وصف للأعمى ثم أبصر فلا خيار له لأنه قد سقط فلا يعود إلا بسبب جديد، ولو اشترى البصير ثم عمي انتقل الخيار إلى الوصف وفي المصباح: جسه بيده جسا من باب قتل واجتسه ليتعرفه اه‍. وظاهر كلام المصنف أن الجس يكتفي به في الرقيق والثياب والدواب وشاة القنية وكل شئ يمكن جسه. وفي الأصل وجس الأعمى في المتاع والمنقولات مثل نظر البصير لأن التقليب والجس مما يعرف بعض أوصاف المبيع من اللين والخشونة وإن كان مما لا يعرف الجميع فيقام مقام النظر حالة العجز كما تقام الإشارة من الأخرس مقام النطق للعجز، كذا في المحيط. وهل يحبس الموضع الذي يراه البصير فيجس من الرقيق وجهه ومن الحيوان الوجه والكفل حتى لو مس غيرهما لا يكتفي به؟ لم أره والظاهر اشتراطه.
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست