البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٥٠
أحد المصارعين أو أحد الخفين أو أحد النعلين لا يكفي ولا يكفي أن يرى ظاهرا لنفسه ما لم ير وجهها وموضع الشئ منها وما كان له وجهان مختلفان تعتبر رؤيتهما اه‍. وفي المعراج:
وفي البساط لا بد من رؤية جميعه، ولو نظر إلى ظهور المكاعب لا يبطل خياره، ولو نظر إلى وجهها دون الصرم يبطل. قلت: وينبغي أن يشترط رؤية الصرم في زماننا لتفاوته وكونه مقصودا. وفي الوسادة المحشوة لو رأى ظاهرها فإن كانت محشوة مما يحشى مثلها يبطل خياره، وإن كان مما لا يحشى مثلها فله الخيار اه‍. وفي المحيط: الأصل أن غير المرئي إن كان تبعا للمرئي فلا خيار له في غير المرئي، وإن كان غير المرئي أصلا فإن كان رؤية ما رأى لم تعرفه حال رؤيته بقي خياره وإن كانت تعرفه بطل اه‍.
قوله: (ونظر وكيله بالقبض كنظره لا نظر رسوله) أي بأن قبض الوكيل وهو ينظر إليه، كذا في البدائع. وهذا عند أبي حنيفة. وقالا هما سواء وله الرد لأنه توكل بالقبض دون إسقاط الخيار فلا يملك ما لم يتوكل به وصار كخيار العيب والشرط والاسقاط قصدا. أو له أن القبض نوعان: نام وهو أن يقبضه وهو يراه وناقص وهو أن يقبضه مستورا، وهذا لأن تمامه بتمام الصفقة، ولا يتم مع بقاء خيار الرؤية والموكل ملكه بنوعيه فكذا الوكيل لا طلاق توكيله. وإذا قبضه مستورا انتهى التوكيل بالناقص منه فلا يملك إسقاطه قصدا بعد ذلك بخلاف خيار العيب لأنه لا يمنع تمام الصفقة فيتم القبض مع بقائه وخيار الشرط على الخلاف. ولو سلم فالموكل لا يملك التام منه فإنه لا يسقط بقبضه فإن الاختيار وهو المقصود بالخيار يكون بعده فكذا يملكه وكيله، وبخلاف الرسول لأنه لا يملك شيئا وإنما إليه تبليغ الرسالة ولهذا الا يملك القبض إذا كان رسولا في البيع. قيد الوكيل بالقبض لأنه لو كان وكيلا بالشراء فرؤيته مسقطه للخيار بالاجماع، كذا في الهداية ثم اعلم أنهم جعلوا الوكيل بالقبض كالرسول في مسائل منها لا يصح إبراؤه بخلاف الوكيل بالبيع، ومنها لا رجوع عليه بالثمن إذا رد المبيع بعيب بعد ما دفع إلى الموكل بخلاف الوكيل بالبيع، ومنها لو حلف لا يقبض فوكل به حنث بخلاف لا يبيع فوكل لا يحنث، ومنها تصح كفالة الوكيل بقبض الثمن المشتري بخلاف الوكيل بالبيع، ومنها قبول شهادة الوكيل بقبض الدين به، وستأتي المسائل في كتاب الوكالة تماما إن شاء الله تعالى. وبهذا يترجح قولهما هنا أنه بمنزله الرسول ورؤية الرسول بالشراء تسقط الخيار، كذا في المحيط. وفي المعراج: قيل الفرق بين الرسول والوكيل أن الوكيل لا يضيف العقد إلى الموكل والرسول لا يستغنى عن إضافته إلى المرسل وإليه الإشارة في قوله تعالى: * (يا أيها الرسول بلغ) * [المائدة: 76] وقوله تعالى * (وما أنت عليهم بوكيل) * [الانعام: 701] * (قل لست عليكم بوكيل) * [الانعام: 66] نفي
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست