البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٤٩
على رؤية ضرعها. والكفل بفتحتين العجز، كذا في المصباح. وأما الثوب فاكتفى المصنف برؤية ظاهرة مطويا لأن البادئ يعرف ما في الطي فلو شرط فتحه لتضرر البائع بتسكره ونقصان قيمته وبذلك ينقص ثمنه عليه إلا أن يكون له وجهان فلا بد من رؤية كليهما أو يكون في طيه ما يقصد بالرؤية كالعلم. ثم قيل هذا في عرفهم أما في عرفنا فما لم ير الباطن لا يسقط خياره لأنها استقر اختلاف الباطن - والظاهر في الثياب وهو قول زفر: وفي المبسوط الجواب على ما قال زفر وفي الظهيرية رؤية الظهارة تكفي إلا أن تكون البطانة مقصودة بأن كانت بسمور أو نحوه فتعتبر رؤية اه‍. وأما الدار فظاهر الرواية أنه إذا رأى خارجها أو رأى أشجار البستان من خارج فإنه يكتفي به. وعند زفر لا بد من دخول داخل البيوت. والأصح أن جواب الكتاب على وفاق عادتهم في الأبنية فإن دورهم لم تكن متفاوتة يومئذ، فأما اليوم فلا بد من الدخول داخل الدار للتفاوت، فالنظر إلى ظاهر لا يوقع العلم بالداخل، وفي جامع الفصولين وبه يفتى. فالحاصل أن المؤلف رحمه الله تعالى اختار قول زفر في الدار وكان ينبغي له اختياره في الثوب فإن المختار قوله فيهما. وشرط بعضهم رؤية العلو والمطبخ والمزبلة وهو الأظهر والأشبه كما قال الشافعي وهو المعتبر في ديار مصر والشام. ولم يذكر المصنف بقية أنواع المبيعات ولا بد من ذكرها قالوا: لا بد في البستان من رؤية ظاهره وباطنه، وفي الكرم لا بد من رؤية عنب الكرم من كل نوع شيئا، وفي الرمان لا بد من رؤية الحلو والحامض، ولو اشترى دهنا في زجاجة فرؤيته من خارج الزجاجة لا تكفي حتى يصبه في كفه عند أبي حنيفة لأنه لم ير الدهن حقيقة لوجود الحائل. وفي التحفة: لو نظر المرآة فرأى المبيع قالوا: الا يسقط خياره لأنه ما رأى عينه بل رأى مثاله. ولو اشترى سمكا في ماء أخذه من غير اصطياد فرآه في الماء قال بعضهم: يسقط خياره لأنه رأى عين المبيع. وقال بعضهم: لا يسقط. وهو الصحيح لأن المبيع لا يرى في الماء على حاله بل يرى أكبر مما كان فهذه الرؤية لا تعرف المبيع وإن كان المبيع مما يطعم فلا بد من الذوق لأنه المعرف المقصود، وإن كان مما يشم فلا بد من شمه كالمسك.
وفي الولوالجية: اشترى نافجة مسك فأخرج المسك منها ليس له الرد بخيار الرؤية ولا بخيار العيب لأن الاخراج يدخل عليه عيبا ظاهرا حتى لو لم يدخل كان أن يرد بخيار العيب والرؤية جميعا اه‍. وفي جامع الفصولين: اشترى دارا واستثنى منه بيتا معنيا لا بد من رؤية المستثنى فكما يشترط رؤية المبيع لسقوط الخيار يشترط رؤية المستثنى لأن وصف المستثنى توجب جهاله في المستثنى منه اه‍. وقدمنا عن الخانية حكم ما إذا اشترى مغيبا في الأرض. وفي الظهيرية وفي الثمار على رؤوس الأشجار يعتبر رؤية جميعها بخلاف الموضوعة على الأرض، وفي تراب المعدن وتراب الصواغين يعتبر رؤية ما يخرج منه، ورؤية
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست