البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ١٦٤
قوله: (والسوم على سوم غيره) للحديث لا يسام الرجل على سوم أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه ولان في ذلك إيحاشا واضرارا. وهذا إذا تراضى المتعاقدان على مبلغ ثمن في المساومة، فإذا لم يركن أحدهما على الآخر فهو بيع من يزيد ولا بأس به على ما نذكره، وما ذكرناه محمل النهي في النكاح أيضا. وفي القاموس: السوم في المبايعة كالسوام بالضم سمت بالسلعة وساومت بالسلعة واستمت بها وعليها غاليت واستمته إياها وعليها سألته سومها اه‍ قوله: (وتلقى الجلب) لحديث الصحيحين عن ابن عباس نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتلقي الركبان وأن يبيع حاضر لباد. فقلت لابن عباس: ما قوله حاضر لباد قال: لا يكون له سمسار. وللمتلقي صورتان: إحداهما أن يتلقاهم المشترون للطعام منهم في سنة حاجة ليبيعوه من أهل البلد بزيادة. وثانيها أن يشتري منهم بأرخص من سعر البلد وهم لا يعلمون بالسعر. ومحمل النهي عندنا إذا كان يضر بأهل البلد أو لبس أما إذا انتفيا فلا بأس به. وفي المغرب: جلب الشئ جاء به من بلد إلى بلد للتجارة جلبا، والجلب المجلوب ومنه نهى عن تلقي الجلب اه‍. قوله: (وبيع الحاضر للبادي) لما تقدم من النهي وهو مقيد كما في الهداية بما إذا كان أهل البلد في قحط وعوز وهو يبيع من أهل البلد وطمعا في الثمن الغالي لما فيه من الاضرار بهم، أما إذا لم يكن كذلك فلا بأس به لانعدام الضرر. وفسره في الاختيار بأن يجلب البادي السلعة فيأخذها الحاضر ليبيعها له بعد وقت بأغلى من السعر الموجود وقت الجلب اه‍. فعلى الأول الحاضر مالك بائع والبادي مشتر، وعلى الثاني الحاضر سمسار والبادي صاحب السلعة، ويشهد للثاني آخر الحديث دعوا الناس برزق الله بعضهم بعضا. ولذا قال في المجتبي: هذا التفسير أصح ذكره في زاد الفقهاء لموافقة الحديث، وعلى هذا فتفسير ابن عباس بأن لا يكون له سمسار ليس هو تفسير بيع الحاضر للبادي وهو صورة النهي بل
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست