فإنه قال: إن المشتري خصم لمن يدعيه لأنه يملك رقبته، كذا في جامع الفصولين بدليل أن المشتري إذا أعتقه بعد قبضه صح وكان الولاء له، ولو باعه كان الثمن له، ولو بيعت دار إلى جنبها فالشفعة للمشتري، ولو أعتقه البائع لم يعتق ولو سرقه البائع من المشتري بعد قبضه قطع كما في الجوهرة فهذه كلها ثمرات الملك وبدليل وجوب الاستبراء على البائع إذا ردت الجارية عليه ولولا خروجها عن ملكه لم تجب. وقولهم إنه يملك التصرف فقط بتسليط البائع منقوض بما إذا كان البائع وصي يتيم باع عبده فاسدا فأعتقه المشتري فإنه يصح. ولو كان على وجه التسليط لم يصح، كذا في جامع الفصولين. وأما ما استدل به العراقيون من عدم حل أكله لو كان طعاما وعدم حل لبسه لو كان قميصا وعدم حل وطئها لو كانت جارية واستبرأها، ولو وطئها وجب العقر إذا فسخ وعدم وجوب الشفعة لشفيعها فلا دليل فيه لأن عدم الحل لا يدل على عدم الملك بدليل إن ربح ما لم يضمن مملوك ولا يحل، والأخت رضاعا إذا ملكها لا يحل له وطؤها. وإنما لم تجب الشفعة لأن حق البائع لم ينقطع عنها وهي إنما تجب بانقطاع حقه لا بملك المشتري بدليل أن من أقر ببيع داره وجحد المشتري وجبت الشفعة. هذا وقد ذكر العمادي في فصوله خلافا في حرمة وطئها فقيل يكره ولا يحرم، وقيل يحرم وفيه إشارة أيضا إلى أن البائع يملك الثمن بشرط قبضه لأنه كالمبيع كما في القنية. وفي جامع الفصولين: حبلت منه صارت أم ولده وعليه قيمتها لا عقرها، وقيل عليه عقرها وقيمتها، وقيل بجوز للمشتري كل تصرف تجري فيه الإباحة وإلا فلا، ولم تحل المباشرة كعصير وقعت فيه فأرة يحل بيعه لا مباشرته نحو أكله اه. وفي القنية: إعتاق البائع المبيع بعد قبض المشتري بغير حضرته باطل وبحضرته صحيح ويكون فسخا اه. وهو تخصيص لقولهم إن اعتاقه باطل. وفي الظهيرية من باب نكاح العبد والأمة: باع جارية بيعا فاسدا وقبضها المشتري ثم تزوجها البائع لم يجز اه. ولو لم يقبضها المشتري فزوجها البائع للمشتري يصح، كذا في القنية اه. أقول: يشكل حينئذ ما نقلناه عن الجوهرة من قطع يده بسرقة المبيع فإن القطع يقتضي أن لا ملك له فيه ولا شبهة، وقولهم بعدم صحة نكاحها للبائع يقتضي بقاء ملكه أو شبهته فينبغي أن لا يقطع البائع للشبهة، وقد ذكره في السراج الوهاج أيضا ولم أره لغير الحدادي. والظاهر أنه قاله تفقها من عنده لا على أنه نقل المذهب فإنه قال: ومن فوائد قوله ملكه أنه لو سرقه البائع بعد قبض المشتري قطع به والله أعلم بالصواب.
(١٥٣)