البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ١٦٥
تفسير لضدها وهي الجائزة فالمعنى أنه نهى عن بيع السمسار وتعرضه فكأنه لما سئل عن نكتة نهي بيع الحاضر للبادي قال المقصود أن لا يكون له سمسار فنهى عنه بالسمسار، كذا في فتح القدير قوله: (والبيع عند أذان الجمعة) لقوله تعالى * (وذروا البيع) * [الجمعة: 9] ثم فيه إخلال بواجب السعي على بعض الوجوه وقد ذكرنا الاذان المعتبر فيه في كتاب الصلاة، وفي الهداية: كل ذلك يكره ولا يفسد به البيع لأن النهي لمعنى خارج زائد لا في صلب العقد ولا في شرائط الصحة. أطلقه فشمل ما إذا تبايعا وهما يمشيان إليها. وما في النهاية من عدم الكراهة مشكل لاطلاق الآية فمن جوزه في بعض الوجوه يكون تخصيصا وهو نسخ وهو لا يجوز بالرأي، كذا ذكره الشارح قوله: (لا بيع من يزيد) أي لا يكره لما قدمناه من عدم الاضرار وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم باع قدحا وحلسا بيع من يزيد ولأنه بيع الفقراء والحاجة ماسة إليه قوله (ولا يفرق بين صغير وذي رحم محرم منه) لقوله عليه الصلاة والسلام من فرق بين والدة وولده فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة ووهب النبي صلى الله عليه وسلم لعلي غلامين صغيرين أخوين ثم قال له: ما فعل الغلامان؟ فقال: بعت أحدهما. قال أدرك أدرك. ويروى أردد أردد ولان الصغير يستأنس بالصغير وبالكبير والكبير يتعاهده فكان في بيع أحدهما قطع الاستئناس والمنع من التعاهد، فيه ترك المرحمة على الصغار وقد أوعد النبي صلى الله عليه وسلم. ثم المنع معلول بالقرابة المحرمة للنكاح حتى لا يدخل فيه محرم غير قريب ولا قريب غير محرم ولذا قيد بذي الرحم المحرم أي المحرم من جهة الرحم وإلا يرد عليه ابن العم إذا كان أخا من الرضاع فإنه رحم محرم وليس له هذا الحكم. وأطلقه فشمل الصغير والكبير ولا بد من اجتماعهما في ملكه حتى لو كان أحدهما له والآخر لغيره فلا بأس ببيع أحدهما. ولو قال المصنف إلا إذا كان التفريق بحق مستحق لكان أولى لأنه حينئذ يجوز التفريق كدفع أحدهما بالجناية وبيعه بالدين ورده بالعيب لأن المنظور إليه دفع الضرر عن غيره لا الاضرار به، كذا في الهداية. ومن التفريق بحق ما في المبسوط ذمي له عبد له امرأة أمة ولدت منه فأسلم العبد وولده صغير فإنه يجبر الذمي على بيع العبد وابنه وإن كان تفريقا بينه وبين أمه اه‍. ولا يرد على المصنف التفريق بإعتاق أحدهما بمال أو بغيره أو تدبيره أو استيلاد الأمة أو كتابة أحدهما فإنه جائز لأن مراده منع التفريق بالبيع أو الهبة أو الوصية أو غير ذلك من أسباب
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»
الفهرست