كالمدبر، وفيما إذا جمع بين ملك ووقف روايتان، وما ذكره المؤلف هو الصحيح لأن الوقف مال ولهذا ينتفع به انتفاع الأموال غير أنه لا يباع لأجل حق تعلق به وذلك لا يوجب فساد العقد فيما ضم إليه كالمدبر لكن أراد بالوقف ما ليس بمسجد فإن المسجد لو ضم إلى الملك فإنه يبطل فيهما لأن المسجد كالحر، كذا ذكره الشارح. وقيده في التجنيس بالعامر لأن المسجد الخراب لو ضم إلى الملك لم يبطل في الملك لجواز بيع المسجد إذا خرب في أحد القولين فصار مجتهدا فيه كالمدبر، ولا يشكل ما في المحيط من أنه لو باع قرية ولم يستثن ما فيها من المساجد والمقابر فالأصح الصحة في الملك لأن ما فيها من المساجد والمقابر مستثنى عادة. ثم اعلم أنه قد وقعت حادثة في القسطنطينية هي جمع بين وقف وملك وباعهما صفقة واحدة فأفتى مفتيها بعدم الصحة في الملك كالوقف فاعترض عليه بأنه مخالف للأصح، فأجاب بأنه محمول على وقف لم يحكم بصحته ولزومه ليكون كالمدبر مجتهدا فيه أما ما قضى القاضي به فهو كالحر للزومه إجماعا فيسرى الفساد إلى الملك، لكن يرد عليه ما صرح به قاضيخان في فتاواه أن الوقف بعد القضاء تسمع دعوى الملك فيه وليس هو كالحر بدليل أنه لو ضم إلى ملك لا يفسد البيع في الملك، وهكذا في الظهيرية. وهذا لا يمكن تأويله فوجب الرجوع إلى الحق وهو إطلاق الوقف لأنه بعد القضاء وإن صار لازما بالاجماع لكنه يقبل البيع بعد لزوم الوقف، إما بشرط الاستبدال وهو صحيح على قول أبي يوسف المفتى به أو بضعف غلته كما هو قولهما أو بورود غصب عليه ولا يمكن انتزاعه فللناظر بيعه كما في فتاوي قاضيخان أو بقضاء قاض حنبلي ببيعه فإن عنده بيع الوقف يجوز ويشتري ببدله ما هو خير منه كما في معراج الدراية فكيف يجعل الوقف كالحر مع وجود هذه الأسباب المجوزة لبيعه والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب.
(١٤٩)