البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٦٣٨
بكون الصوم في شوال أي في أشهر الحج لأن الصوم قبل أشهر الحج لا يجوز، سواء كان بعد ما أحرم للعمرة في أشهر الحج أو لا، وقد تقدم أن الأفضل تأخير صومها إلى السابع من ذي الحجة لرجاء القدرة على الأصل وهو الهدي قوله: (فإن أراد سوق الهدي أحرم وساق وقلد بدنته بمزادة أو نعل ولا يشعر) بيان لافضل التمتع اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم. والواو في قوله وساق بمعنى ثم لأن الأفضل أن لا يحرم بالسوق والتوجه بل يحرم بالتلبية والنية ثم يسوق، وأفاد بالتقليد أنه أفضل من التجليل وبالسوق أنه أفضل من القود إلا إذا كانت لا تنساق فيقودها. والضمير في قوله أراد عائد إلى المتمتع بمعنى مريده، والمراد بالاحرام إحرام العمرة، وقيد بالبدنة لأن الشاة لا يسن تقليدها. والاشعار في اللغة الاعلام بأن البدنة هدي والمراد هنا أن يشق سنامها من الجانب الأيمن. كذا في شرح الأقطع. وفي الهداية قالوا: والأشبه هو الأيسر وهو مكروه عند أبي حنيفة، حسن عندهما للاتباع الثابت في صحيح مسلم وغيره، وأجيب لأبي حنيفة بأنه مثلة وقد نهي عنه فتعارضا فرجحنا المنع لأنه قول وهو مقدم على الفعل أو نهي وهو مقدم على المبيح، ورد بأنه ليس منها لأنها ما يكون تشويها كقطع الانف والأذنين فليس كل جرح مثلة ولأنه نهي عنها في أول الاسلام وفعل الاشعار في حجة الوداع. فلو كان منها لم يفعله وبأن إشعاره عليه السلام لصيانة الهدي لأن المشركين لا يمتنعون عن تعرضه إلا به. وقال الطحاوي: إنما كره أبو حنيفة الاشعار المحدث الذي يفعل على وجه المبالغة ويخاف منه السراية إلى الموت لا مطلق الاشعار، واختاره في غاية البيان وصححه وفي فتح القدير أنه الأولى قوله: (ولا يتحلل بعد عمرته) لأن سوق الهدي يمنعه من التحلل لحديث البخاري: أني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر. وقد قدمنا أنه لو حلق رأسه بعد الفراغ من عمرته وقد كان ساق الهدي لزمه دم، ومقتضاه أنه
(٦٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 633 634 635 636 637 638 639 640 641 642 643 ... » »»
الفهرست