البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٣٥٤
مشهورة، والسنة الواردة أخبار أحاد صحاح وبها يثبت الوجوب دون الفرض والعقل لا يثبت به شئ من الأحكام الشرعية، وإن أراد بالمعقول المقاييس المستنبطة من الكتاب والسنة فلا يثبت بها الفرضية ا ه‍. وجوابه أنهم في مثله يجعلونه مؤكدا للقرآن القطعي لا مثبتا وهو كثير في كلامهم كإطلاق الواجب على الفرض وهو إما مجاز في العرف بعلاقة المشترك من لزوم استحقاق العقاب بتركه عدل عن الحقيقة وهو الفر ض إليه بسبب أن بعض مقاديرها وكيفياتها تثبت بأخبار الآحاد، أو حقيقة على ما قال بعضهم أن الواجب نوعان: قطعي وظني. فعلى هذا يكون اسم الواجب من قبيل المشكك اسما أعم وهو حقيقة في كل نوع، وقد أسلفنا شيئا منه في أول الطهارة وخرج المجنون والصبي فلا زكاة في مالهما كما لا صلاة عليهما للحديث المعروف رفع القلم عن ثلاث. وأما إيجاب النفقات والغرامات في مالهما فلأنهما من حقوق العباد لعدم التوقف على النية، وأما إيجاب العشر والخراج وصدقة الفطر فلأنها ليست عبادة محضة لما عرف في الأصول وقد قدمنا في نقض الوضوء حكم المعتوه في العبادات والاختلاف فيه. وخرج الكافر لعدم خطابه بالفروع سواء كان أصليا أو مرتدا، فلو أسلم المرتد لا يخاطب بشئ من العبادات أيام ردته، ثم كما هو شرط للوجوب شرط لبقاء الزكاة عندنا حتى لو ارتد بعد وجوبها سقطت كما في الموت. كذا في معراج الدراية. وقيد بالحرية احترازا عن العبد والمدبر وأم الولد والمكاتب والمستسعى عند أبي حنيفة لعدم الملك أصلا فيما عدا المكاتب والمستسعى ولعدم تمامه فيهما، ولو حذف الحرية واستغني عنها بالملك إذ العبد لا ملك له وزاد في الملك قيد التمام وهو المملوك رقبة ويدا ليخرج المكاتب والمشتري قبل القبض كما سيأتي لكان أوجز وأتم. وعندهما: المستسعي حر مديون فإن ملك بعد قضاء سعايته ما يبلغ نصابا كاملا تجب الزكاة وإلا فلا. وفي البدائع: والجنون نوعان: أصلي وعارض. أما الأصلي وهو أن يبلغ مجنونا فلا خلاف بين أصحابنا أنه يمنع انعقاد الحول على النصاب حتى لا يجب عليه زكاة ما مضى من الأحوال بعد الإفاقة، وإنما يعتبر ابتداء الحول من وقت الإفاقة كالصبي إذا بلغ يعتبر ابتداء الحول من قوت البلوغ. وأما الطارئ فإن دام سنة
(٣٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 ... » »»
الفهرست