البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٢٢٨
للاستراحة فلا يعتبر، والمراد ثلاثة أيام من أقصر أيام السنة. وهل يشترط سفر كل يوم إلى الليل؟ اختلفوا فيه والصحيح أنه لا يشترط حتى لو بكر في اليوم الأول ومشى إلى الزوال ثم في اليوم الثاني كذلك، ثم في اليوم الثالث كذلك فإنه يصير مسافرا لأن المسافر لا بد له من النزول لاستراحة نفسه ودابته فلا يشترط أن يسافر من الفجر إلى الفجر لأن الآدمي لا يطيق ذلك، وكذلك الدواب فألحقت مدة الاستراحة بمدة السفر لأجل الضرورة. كذا في السراج الوهاج. وبه اندفع ما في فتح القدير لأن أقل اليوم إذا كان ملحقا بأكثره للضرورة لم يكن فيه مخالفة للحديث المفيد للثلاثة كما أن الليل للاستراحة وهو مذكور في الحديث. وأشار المصنف إلى أنه لا اعتبار بالفراسخ وهو الصحيح لأن الطريق لو كان وعرا بحيث يقطع في ثلاثة أيام أقل من خمسة عشر فرسخا قصر بالنص، وعلى التقدير بها لا يقصر فيعارض النص فلا يعتبر سوى سير الثلاثة. وفي النهاية: الفتوى على اعتبار ثمانية عشر فرسخا. وفي المجتبى: فتوى أكثر أئمة خوارزم على خمسة عشر فرسخا اه‍. وأنا أتعجب من فتواهم في هذا وأمثاله بما يخالف مذهب الإمام خصوصا المخالف للنص الصريح. وفي فتاوى قاضيخان: الرجل إذا قصد بلدة وإلى مقصده طريقان أحدهما مسيرة ثلاثة أيام ولياليها والآخر دونها فسلك الطريق الابعد كان مسافرا عندنا ا ه‍ وإن سلك الأقصر يتم وهذا جواب واقعة الملاحين بخوارزم فإن من الجرجانية إلى مدانق اثني عشر فرسخا في البر، وفي جيحون أكثر من عشرين فرسخا، فجاز لركاب السفينة والملاحين القصر والافطار فيه صاعدا ومنحدرا. كذا في المجتبى. وذكر الأسبيجابي المقيم إذا قصد مصرا من الأمصار وهو ما دون مسيرة ثلاثة أيام لا يكون مسافرا، ولو أنه خرج من ذلك المصر الذي قصد إلى مصر آخر وهو أيضا أقل من ثلاثة أيام فإنه لا يكون مسافرا، وإن طاف آفاق الدنيا على هذا السبيل لا يكون مسافرا اه‍. وفي السراج الوهاج: إذا
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»
الفهرست