البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٢١٢
قوله: (منها أولى الحج وص) ذكرهما للاختلاف فيهما فقد نفى الشافعي السجود في ص ولم يخص الأولى من الحج بل قال: إن الثانية منها أيضا فهي عنده أيضا أربع عشرة آية. ونفى مالك السجود في المفصل، وبيان الحجج معلوم في المطولات ولسنا إلا بصدد تحرير المذهب غالبا. وفي التجنيس: التالي والسامع ينظر كل واحد منهما إلى اعتقاد نفسه كالسجدة الثانية في سورة الحج ليس بموضع السجود عندنا، وعند الشافعي هو موضع السجدة لأن السامع ليس بتابع للتالي تحقيقا حتى يلزمه العمل برأيه لأن لا شركة بينهما ا ه‍.
ثم في سورة حم السجدة عندنا السجدة عند قوله * (وهم لا يسأمون) * (فصلت: 38) وهو مذهب عبد الله بن عباس ووائل بن حجر، وعند الشافعي عند قوله * (إن كنتم إياه تعبدون) * (فصلت: 37) وهو مذهب علي ومروي عن ابن مسعود وابن عمر. ورجح أئمتنا الأول أخذا بالاحتياط عند اختلاف مذاهب الصحابة فإن السجدة لو وجبت عند قوله تعبدون فالتأخير إلى قوله لا يسأمون لا يضر ويخرج عن الواجب، ولو وجبت عند قوله * (لا يسأمون) * لكانت السجدة المؤداة قبله حاصلة قبل وجوبها ووجود سبب وجوبها فيوجب نقصانا في الصلاة لو كانت صلاتية ولا نقص فيما قلنا أصلا، وهذا هو أمارة التبحر في الفقه. كذا في البدائع.
قوله: (على من تلا ولو إماما أو سمع ولو غير قاصد أو مؤتما لا بتلاوته) بيان لسببها وهو أحد ثلاثة: التلاوة ولو لم يوجد السماع كتلاوة الأصم والسماع بتلاوة وغيره، والاقتداء بإمام تلاها وإن لم يسمع المأموم تبعا لإمامه بأن قرأ الإمام سرا أو لم يكن حاضرا عند القراءة واقتدى به قبل أن يسجد لها، ولذا قالوا: إن الابكم إذا رأى قوما يسجدون لا يجب عليه السجود لأنه لم يقرأ ولم يسمع. والمصنف جعل المؤتم معطوفا على غير قاصد فأفاد أن المؤتم يلزمه بسماعه وليس كذلك، وإنما يلزمه باقتدائه وإن لم يسمع، فلو قال المصنف أو اقتدى معطوفا على تلا لكان أولى كما لا يخفي. فقد قال في المجتبى: الموجب لها أحد ثلاثة:
التلاوة والسماع والائتمام وإنما قال ولو إماما لما أن المنقول في البدائع أنه يكره للإمام أن يتلو آية السجدة في صلاة يخافت فيها بالقراءة فإنه لا ينفك عن مكروه من ترك السجدة إن لم يسجد أو التلبيس على القوم إن سجد ا ه‍. وكذا لا ينبغي أن لا يقرأها في الجمعة والعيدين لما ذكرنا كما في السراج الوهاج فربما يتوهم من ذلك عدم وجوبها على الإمام فصرح به نفيا له، وقد قدمنا شرائط الوجوب على التالي والسامع. وصحح المصنف في الكافي أن السبب
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست