والقراءة فيهما وكل ذلك واجب وفيها سجدة هو الصحيح، واعترض عليه بالقعدة الأخيرة فإنها فرض لا واجب. فأجاب في المعراج بأن المراد غيرها إذا لتخصيص شائع بقرينة ذكره لها سابقا أنها فرض، وما أجاب به في غاية البيان من حمل الترك فيها على تأخيرها فاسد لأنه أراد حقيقة الترك في غيرها، فلو أراد التأخير فيها لزم الجمع بين الحقيقة والمجاز، وكذا لو أراد بالواجب حينئذ الفرض فيها والواجب الاصطلاحي في غيرها وهو جمع كذلك. كذا في الغاية. ورده في الكافي بأن الممنوع اجتماعهما مرادين بلفظ واحد وهو لم يتعرض للإرادة بل قال: يحتمل هذا وذاك ولا فساد كاحتمال القرء الحيض والطهر كما في المجتبي وغيره. وما في النهاية من أن الأوجه فيه أن يحمل على رواية الحسن عن أبي حنيفة بأنه تجوز الصلاة بدون القعدة الأخيرة ليس بأوجه لأنها رواية ضعيفة جدا لأنهم نقلوا الاجماع على فرضيتها كما قدمناه، والظاهر أنه سهو وقع من صاحب الهداية. الثامن لفظ السلام ولا يتصور إيجاب السجود بتركه لأنه بعد القعود الأخير إذا لم يأت بمناف فإنه يسلم، وإن أتى بمناف فلا سجود ولهذا قال في التجنيس: والسهو عن السلام يوجب سجودا السهو والسهو عنه أن يطيل القعدة ويقع عنده أنه خرج من الصلاة ثم يعلم ذلك فيسلم ويسجد لأنه أخر واجبا أو ركنا على اختلاف الأصلين ا ه.
وإنما يتصور إيجابه بتأخيره كما قدمناه وذكرنا في باب صفة الصلاة أن الواجب منه التسليمة الأولى وهي السلام دون عليكم ورحمة الله. وفي البدائع: إنه لو سلم عن يساره أولا لا سهو عليه لأنه ترك السنة. وفي الظهيرية: وإذا سلم الرجل عن يمينه وسها عن التسليمة الأخرى فما دام في المسجد يأتي بالأخرى وإن استدبر القبلة، وعامة المشايخ على أنه لا يأتي متى استدبر القبلة ا ه. التاسع قنوت الوتر وقدمنا أنه لا يختص بدعاء وأنه لا يعود إليه لو ركع على الصحيح كما في المجتبي وغيره، فحينئذ يتحقق تركه بالركوع وأنه سنة عندهما كالوتر فالوجوب بتركه إنما هو قوله فقط. وفي فتح القدير: ولو قرأ القنوت في الثالثة ونسي قراءة الفاتحة أو السورة أو كليهما فتذكر بعد ما ركع قام وقرأ وأعاد القنوت والركوع لأنه رجع إلى محله قبله ويسجد للسهو بخلاف ما لو نسي سجدة التلاوة ومحلها فتذكرها في الركوع أو السجود أو القعود فإنه ينحط لها ثم يعود إلى ما كان فيه فيعيده استحبابا ا ه. ومما ألحق به تكبيره وجزم الشارح بوجوب السجود بتركها. وذكر في الظهيرية أنه لو ترك تكبيرة القنوت فإنه لا رواية لهذا، وقيل يجب سجود السهو اعتبارا بتكبيرات العيد، وقيل لا يجب ا ه. وينبغي ترجيح عدم الوجوب لأنه الأصل ولا دليل عليه بخلاف تكبيرات العيد فإن دليل الوجوب المواظبة مع قوله تعالى * (ويذكروا اسم الله في أيام