البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ١٤١
عن الوقت بعد ثبوت وجوبها فيه فإنه يلزم قضاؤها، سواء تركها عمدا أو سهوا أو بسبب نوم، وسواء كانت الفوائت كثيرة أو قليلة فلا قضاء على مجنون حالة جنونه ما فاته في حالة عقله كملا قضاء عليه في حالة عقله لما فاته حالة جنونه، ولا على مرتد ما فاته زمن ردته، ولا على مسلم أسلم في دار الحرب ولم يصل مدة لجهله بوجوبها، ولا على مغمى عليه أو مريض عجز عن الايماء ما فاته في تلك الحالة وزادت الفوائت على يوم وليلة. ومن حكمه أن الفائتة تقضى على الصفة التي فاتت عنه إلا لعذر وضرورة فيقضي المسافر في السفر ما فاته في الحضر من الفرض الرباعي أربعا والمقيم في الإقامة ما فاته في السفر منها ركعتين كما سيأتي في آخر صلاة المسافر. وقد قالوا: إنما تقضى الصلوات الخمس والوتر على قول أبي حنيفة وصلاة العيد إذا فاتت مع الناس على تفصيل يأتي في بابها. وسنة الفجر تبعا للفرض قبل الزوال والقضاء فرض في الفرض واجب في الواجب سنة في السنة. ثم ليس للقضاء وقت معين بل جميع أوقات العمر وقت له إلا ثلاثة: وقت طلوع الشمس ووقت الزوال ووقت الغروب فإنه لا تجوز الصلاة في هذه الأوقات لما مر في محله. وأما الأول وهو الترتيب بين الفائتة والوقتية وبين الفوائت فهو واجب عندنا يفوت الجواز بفوته فهو شرط كما صرح به في المحيط لكنه ليس بشرط حقيقة لأن بتركه لا تفوت الصحة أصلا بل الامر موقوف كما سيأتي، ولو كان شرطا لم يسقط بالنسيان كغيره من الشروط، ولما لم يكن واجبا اصطلاحيا ولا فرضا لعدم قطعية الدليل ولا شرطا كذلك من كل وجه أبهم أمره فعبر بالاستحقاق. والدليل على وجوبه ما في الصحيحين من حديث جابر أن عمر بن الخطاب شغل بسبب كفار قريش يوم الخندق وقال: يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس أن تغرب فقال عليه الصلاة والسلام: والله ما صليتها قال: فنزلنا بطحان فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوضأنا فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بعد ما غربت الشمس، وصلينا بعدها المغرب. ولو كان الترتيب مستحبا لما أخر عليه الصلاة والسلام لأجله المغرب التي تأخيرها مكروه بناء على أن الكراهة للتحريم فلا ترتكب لفعل مستحب. وبناء على أن التأخير قدر أربع ركعات مكروه لكن لا دليل على كونه واجبا يفوت الجواز بفوته، وقد أطال فيه المحقق في فتح القدير إطالة حسنة كما هو دأبه، وغرضنا في هذا الكتاب تحرير المذهب في الأحكام لا تحرير الدلائل. وأما الترتيب بين الفوائت فلما رواه أحمد وغيره من أنه عليه الصلاة
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»
الفهرست