أو الأخريين) أي قضى ركعتين في هذه المسائل الثلاث وهي من المسائل المعروفة بالثمانية، والأصل فيها أن الشفع الأول متى فسد بترك القراءة تبقى التحريمة عند أبي يوسف لأن القراءة ركن زائد، ألا ترى أن للصلاة وجودا بدونها غير أنه لا صحة للأداء إلا بها وفساد الأداء لا يزيد على تركه فلا تبطل التحريمة. وعند محمد متى فسد الشفع الأول لا تبقى التحريمة فلا يصح الشروع في الشفع الثاني لأن القراءة فرض في كل من الركعتين، فكما يفسد الشفع بترك القراءة فيهما يفسد بتركها في إحداهما، وإذا فسدت الافعال لم تبق التحريمة لأنها تعقد للأفعال وقد فسدت. وعند الإمام أبي حنيفة إن فسد الشفع الأول بترك القراءة فيهما بطلت التحريمة فلا يصح الشروع في الشفع الثاني، وإن فسد بترك القراءة في إحداهما بقيت التحريمة فصح الشروع في الشفع الثاني إلا أن القياس ما قاله محمد لكن فسادها بترك القراءة في ركعة واحدة مجتهد فيه لأن الحسن البصري كان يقول بجوازها بوجود القراءة في ركعة واحدة وقوله وإن كان فاسد الكن إنما عرفنا فساده بدليل اجتهادي غير موجب على اليقين، بل يجوز أن يكون الصحيح قوله غير أنا عرفنا صحة ما ذهبنا إليه وفساد ما ذهب إليه بغالب الرأي فلم يحكم ببطلان التحريمة الثانية بيقين بالشك. وإذا عرف هذا فنقول: إذا ترك القراءة في الأربع قضى الركعتين الأوليين فقط عندهما لبطلان التحريمة خلافا لأبي يوسف لبقائها عنده فيقضي الشفعين، وإن ترك القراءة في الأخريين فقد أفسدهما فقط فيلزمه قضاؤهما إجماعا. وإذا ترك القراءة في الأوليين فقط لزمه قضاؤهما فقط إجماعا لفسادهما ولم يصح الشروع في الشفع الثاني عندهما حتى لو قهقه فيه لا تنتقض طهارته، وعند أبي يوسف قد صح ولم يفسد لوجود القراءة فيه. وأشار المصنف بهذه الثلاث إلى ثلاث أخرى أيضا فتصير المسائل ستا من الثمانية إحداها لو قرأ في الأوليين وإحدى الأخريين فعليه قضاء الأخريين إجماعا. ثانيها لو قرأ في الأخريين وإحدى الأوليين فعليه قضاء الأوليين اجماعا. ثالثها لو قرأ في إحدى الأخريين لا غير لزمه قضاء الأوليين عندهما، وعند أبي يوسف يقضي أربعة، وقد قدمنا أن فساد الشفع الثاني يسري إلى الأول إذا لم يقعد بينهما، فقوله أو قرأ في الأوليين مقيد بما إذا قعد على رأس الركعتين وإلا فعليه قضاء الأربع كما في العناية.
وفي البدائع: هذا كله إذا قعد بين الشفعين قدر التشهد، فأما إذا لم يقعد تفسد صلاته عند محمد