البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٦٦
أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم. قال هشام بن عروة قال أبي: ثم توضئي لكل صلاة حتى يجئ ذلك الوقت. وما قيل إنه من كلام عروة دفع بأنه خلاف الظاهر لأنه لما كان على مشاكلة الأول لزم كونه من قائل الأول فكان حجة لنا لأنه علل وجوب الوضوء بأنه دم عرق وكل الدماء كذلك. وأما القياس فبيانه أن خروج النجاسة مؤثر في زوال الطهارة شرعا وقد عقل في الأصل وهو الخارج من السبيلين أن زوال الطهارة عنده وهو الحكم إنما هو بسبب أنه نجس خارج من البدن إذ لم يظهر لكونه من خصوص السبيلين تأثير وقد وجد في الخارج من غيرهما وفيه المناط فيتعدى الحكم إليه، فالأصل الخارج من السبيلين وحكمه زوال الطهارة وعلته خروج النجاسة من البدن وخصوص المحل ملغى، والفرع الخارج النجس من غيرهما وفيه المناط فيتعدى إليه زوال الطهارة التي موجبها الوضوء، فثبت أن موجب هذا القياس ثبوت زوال طهارة الوضوء. وإذا صار زائل الطهارة فعند إرادة الصلاة يتوجه عليه خطاب الوضوء وهو تطهير الأعضاء الأربعة، وإذا صار خروج النجاسة من غير السبيلين كخروجها من السبيلين يرد أن يقال لما اشترطتم في الفرع السيلان أو ملء الفم في القئ مع عدم اشتراطه في الأصل، فأجيب بأن النقض بالخروج وحقيقته من الباطن إلى الظاهر وذلك بالظهور في السبيلين يتحقق وفي غيرهما بالسيلان إلى موضع يلحقه التطهير لأن بزوال القشرة تظهر النجاسة في محلها فتكون بادية لا خارجة والفم ظاهر من وجه باطن من وجه فاعتبر ظاهرا في ملء الفم باطنا فيما دونه.
قوله (وقئ ملا فاه) أي وينقضه قئ ملا فم المتوضئ. أفرده بالذكر وإن كان داخلا في الأول لمخالفته في حد الخروج، كذا في التبيين. وإنما لم يفرد الخارج من غير السبيلين
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست