البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٧١
إلى نتن وفساد فحينئذ يكون نجسا. والبزاق بالزاي والسين والصاد لغات كما في شرح المنية.
واعلم أن حكم الصوم كحكم الوضوء هنا حتى إذا ابتلع البصاق وفيه دم إن كان الدم غالبا أو كان سواء أفطر وإلا فلا.
قوله (والسبب يجمع متفرقة) أي متفرق القئ. وصورته لو قاء مرارا كل مرة دون ملء الفم ولو جمع ملا الفم يجمع وينقض الوضوء إن اتحد السبب وهو الغثيان وهو مصدر غثت نفسه إذا جاشت، وإن اختلف السبب لا يجمع. وتفسير اتحاده أن يقئ ثانيا قبل سكون النفس من الغثيان، وإن قاء ثانيا بعد سكون النفس كان مختلفا وهذا عند محمد. وقال أبو يوسف:
يجمع إن اتحد المجلس اتحاد ما يحتوي عليه المجلس كما ذكره الحدادي لأن للمجلس أثرا في جمع المتفرقات، ولهذا تتحد الأقوال المتفرقة في النكاح والبيع وسائر العقود باتحاد المجلس، وكذلك التلاوات المتعددة لآية السجدة تتحد باتحاد المجلس. ولمحمد رحمه الله أن الحكم يثبت على حسب ثبوت السبب من الصحة والفساد فيتحد باتحاده، ألا ترى أنه إذا جرح جراحات ومات منها قبل البرء يتحد الموجب وإن تخلل البرء اختلف. قال المصنف في الكافي: والأصح قول محمد لأن الأصل إضافة الأحكام إلى الأسباب، وإنما ترك في بعض الصور للضرورة كما في سجدة التلاوة إذا لو اعتبر السبب لانتفى التداخل لأن كل تلاوة سبب. وفي الأقارير اعتبر المجلس للعرف، وفي الايجاب والقبول لدفع الضرر ا ه‍. ثم هذه المسألة على أربعة أوجه: إما أن يتحد السبب والمجلس أو يتعدد أو يتحد الأول دون الثاني أو على العكس. ففي الأول يجمع اتفاقا، وفي الثاني لا يجمع اتفاقا، وفي الثالث يجمع عند محمد، وفي الرابع يجمع عند أبي يوسف. وقد نقلوا في كتاب الغصب مسألة اعتبر فيها محمد المجلس، وأبو يوسف اعتبر السبب وهي رجل نزع خاتما من أصبع نائم ثم أعادها، إن أعادها في ذلك النوم يبرأ من الضمان إجماعا، وإن استيقظ قبل أن يعيدها ثم نام في موضعه ولم يقم منه فأعادها في النومة الثانية لا يبرأ من الضمان عند أبي يوسف لأنه لما انتبه وجب ردها إليه فما لم يردها إليه حتى نام لم يبرأ بالرد إليه وهو نائم بخلاف الأولى، لأن هناك وجب الرد إلى نائم، وهنا لما استيقظ وجب الرد إلى مستيقظ فلا يبرأ بالرد إلى النائم. وعند محمد يبرأ لأنه ما دام في مجلسه ذلك لا ضمان عليه وإن تكرر نومه ويقظته، فإن قام عن مجلسه ذلك ولم يردها إليه ثم نام في موضع آخر فردها إليه لم يبرأ من الضمان إجماعا لاختلاف المجلس والسبب، كذا في السراج الوهاج معزيا إلى الواقعات ولم يذكر لأبي حنيفة فيها قولا. وقال قاضيخان في فتاواه من الغصب ولم يذكر في هذه المسائل قول أبي حنيفة فإن الصحيح من مذهبه أنه لا يضمن إلا بالتحويل ا ه‍. والذي يظهر أن الخلاف في مسألة الغصب ليس بناء على اتحاد السبب أو المجلس فإن النوم ليس سببا في براءته، بل السبب فيها إنما هو رده إلى صاحبه لكن أبو يوسف نظر إلى أنه أخذه وهو نائم ثم وجب الرد إليه وهو مستيقظ، فلما لم يرده حتى نام ثانيا لم يبرأ، ومحمد نظر إلى أنه ما دام في
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست