البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٦٨
نجسا اتفاقا وإنما نجسه أبو يوسف للمجاورة، وهما حكما بطهارته وأن الخلاف في الصاعد من المعدة فاندفع به قول من قال إن البلغم نجس عند أبي يوسف لأنه إحدى الطبائع الأربع حتى قال في الخلاصة: إن من صلى ومعه خرقة المخاط لا تجوز صلاته عند أبي يوسف إن كان كثيرا فاحشا إذ لو كان كذلك لاستوى النازل من الرأس والمرتقى من الجوف، وقد قالوا: لا خلاف في طهارة الأول. واندفع به ما في البدائع أنه لا خلاف في المسألة في الحقيقة بأن جواب أبي يوسف في الصاعد من المعدة وأنه حدث بالاجماع لأنه نجس وجوابهما في الصاعد من حواشي الحلق وأطراف الرئة وأنه ليس بحدث إجماعا لأنه طاهر فينظر إن كان صافيا غير مخلوط بالطعام تبين أنه لم يصعد من المعدة فلا يكون حدثا، وإن كان مخلوطا بشئ من ذلك تبين أنه صعد منها فيكون حدثا وهذا هو الأصح ا ه‍. ويدل على ضعفه أن المنقول في الكتب المعتمدة أن البلغم إذا كان مخلوطا بالطعام لا ينقض إلا إذا كان الطعام غالبا بحيث لو انفرد ملا الفم، أما إذا كان الطعام مغلوبا فلا ينقض مع تحقق كونه من المعدة. قال في الخلاصة: فإن استويا لا ينقض. وفي صلاة المحسن قال: العبرة للغالب ولو استويا يعتبر كل على حدة. قال في فتح القدير: وعجز هذا أولى من عجز ما في الخلاصة. وفي شرح الجامع الصغير لقاضيخان: الخلاف في البلغم وهو ما كان منعقدا متجمدا، أما البزاق وهو ما لا يكون متجمدا فلا ينقض بالاجماع. وذكر العلامة يعقوب باشاه أن في قولهما إن ما يتصل بالبلغم من القئ قليل وهو غير ناقض إشارة إلى أنه ينبغي أن ينتقض الوضوء بقئ البلغم إذا تكرر جدا مع اتحاد المجلس أو السبب ويبلغ بالجمع حد الكثرة ا ه‍. وقد يقال:
الظاهر عدم اعتباره لأنه إنما يجمع إذا كان غير مستهلك، أما إذا كان مغلوبا مستهلكا فلا، وصرحوا في باب الأنجاس أن نجاسة القئ مغلظة. وفي معراج الدراية وعن أبي حنيفة قاء طعاما أو ماء فأصاب إنسانا شبرا في شبر لا يمنع. وفي المجتبى: الأصح أنه لا يمنع ما لم يفحش ا ه‍. وهو صريح في أن نجاسته مخففة. وحمله في فتح القدير على ما إذا قاء من
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست