البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ١٠٣
الجنابة قضاء الشهوة بالانزال فإذا وجدت مع الانفصال صدق اسمها وكان مقتضى هذا ثبوت حكمها وإن لم يخرج لكن لا خلاف في عدم ثبوت الحكم إلا بالخروج فيثبت بذلك الانفصال من وجه وهو أقوى مما بقي والاحتياط واجب وهو العمل بالأقوى من الوجهين فوجب.
وأورد في النهاية الريح الخارجة من المفضاة لأنها إن خرجت من القبل لا يجب الوضوء، وإن خرجت من الدبر وجب فينبغي ترجيح جانب الوجوب احتياطا كما قالا هنا.
وأجاب بأن الشك هناك جاء من الأصل فتعارض الدليل الموجب وغير الموجب لتساويهما في القوة فتساقطا فعملنا بالأصل الثابت بيقين وهو الطهارة، أما هنا جاء دليل عدم الوجوب من الوصف وهو الدفق ودليل الوجوب من الأصل وهو نفس وجود الماء مع الشهوة فكان في إيجاب الاغتسال ترجيح لجانب الأصل على جانب الوصف وهو صحيح لأن دليل الوجوب قد سبق هنا وهو مزايلة المني عن مكانه على سبيل الشهوة وخروجه من العضو لا على سبيل الدفق بقاء ذلك والسبق من أسباب الترجيح فترجح جانب الوجوب لذلك، وأما هناك فاقترن الدليلان على سبيل المدافعة فلا يثبت الحكم الحادث لتدافعهما بل يبقى ما كان على ما كان. وفي المصفى: وثمرة الاختلاف تظهر في ثلاث فصول: أحدها أن من احتلم فأمسك ذكره حتى سكنت شهوته ثم خرج المني يجب الغسل عندهما خلافا له. والثاني إذا نظر إلى امرأة بشهوة فزال المني عن مكانه بشهوة فأمسك ذكره حتى انكسرت شهوته ثم سال بعد ذلك لا عن دفق فعلى هذا الخلاف. والثالث أن المجامع إذا اغتسل قبل أن يبول أو ينام ثم سال منه بقية المني من غير شهوة يعيد الاغتسال عندهما خلافا له، فلو خرج بقية المني بعد البول أو النوم أو المشي لا يجب الغسل إجماعا لأن مذي وليس بمني لأن البول والنوم والمشي يقطع مادة الشهوة اه‍. وفي فتح القدير: وكذا لا يعيد الصلاة التي صلاها بعد الغسل الأول قبل خروج ما تأخر من المني اتفاقا. وقيد المشي بالكثير في المجتبى وأطلقه كثير والتقييد أوجه لأن الخطوة والخطوتين لا يكون منهما ذلك كما لا يخفى. وفي المبتغى: بخلاف المرأة يعني تعيد تلك الصلاة إذا كانت مكتوبة إذا اغتسلت ثانيا بخروج بقية منها وفيه نظر ظاهر، والذي
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست