البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٦٥٤
بلفظ السلام وهو واجب بالاتفاق حتى إن هذه الصلاة تكون مؤداة على وجه مكروه فتعاد على وجه غير مكروه كما هو الحكم في كل صلاة أديت مع الكراهة. كذا في شرح منية المصلي، وفيه أنه لا خلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه في أن من سبقه الحدث بعده يتوضأ ويسلم، وإنما الخلاف فيما إذا لم يتوضأ حتى أتى بمناف، فعند أبي حنيفة بطلت صلاته لعدم الخروج بصنعه، وعندهما لا تبطل لأنه ليس بفرض عندهما اه‍. وفيه نظر، بل لا يكاد يصح لأنه إذا أتى بمناف بعد سبق الحدث فقد خرج منها بصنعه، ولهذا قال الشارح الزيلعي:
وكذا إذا سبقه الحدث بعد التشهد ثم أحدث متعمدا قبل أن يتوضأ تمت صلاته ولم يحك خلافا، وإنما ثمرة الخلاف تظهر فيما إذا خرج منها لا بصنعه كالمسائل الاثني عشرية كما سنقرره إن شاء الله تعالى. وشمل تعمد الحدث القهقهة عمدا فصلاته تامة وبطل وضوءه لوجودها في أثناء الصلاة فصار كنية الإقامة في هذه الحالة، وكذا لو قهقه في سجود السهو.
وإن قهقه الإمام أو أحدث متعمدا ثم قهقه القوم فعليه الوضوء دونهم لخروجهم منها بحدث الإمام بخلاف قهقهتهم بعد سلامه لأنهم لا يخرجون منها بسلامه فبطلت طهارتهم، وإن قهقهوا معا أو القوم فعليهم الوضوء. والحاصل أن القوم يخرجون من الصلاة بحدث ال عمدا اتفاقا، ولهذا لا يسلمون ولا يخرجون منها بسلامه عندهما خلافا لمحمد، وأما بكلامه فعن أبي حنيفة روايتان في رواية كالسلام فيسلمون وتنتقض طهارتهم بالقهقهة، وفي رواية كالحدث العمد فلا سلام ولا نقض بها كذا في المحيط.
قوله: (وبطلت أن رأى متيمم ماء) أي بطلت صلاته بالقدرة على استعمال الماء، ولا عبرة بالرؤية المجردة عن القدرة بدليل ما قدمه في بابه. وإنما بطلت لأن عدم الماء شرط في الابتداء فكان شرط البقاء كسائر الشروط، وكالمكفر بالصوم إذا أيسر ليس له البناء لأنه برؤية الماء ظهر حكم الحدث السابق فكأنه شرع على غير وضوء بخلاف ما إذا سبقه الحدث لأنه شرع بوضوء تام. أطلقه فشمل ما إذا رأى المتيمم قبل سبق الحدث أو بعده، وفي الثاني خلاف والصحيح هو البطلان كما في المحيط، وجزم به الشارح. واختار في النهاية أنه يبني دون فساد. وفي فتح القدير: والذي يظهر أن الأسباب المتعاقبة كالبول ثم الرعاف ثم القئ إذا أوجبت أحداثا متعاقبة يجزئه عنها وضوء واحد، فالأوجه ما في شرح الكنز وهو الموافق لما قدمناه من قول محمد فيمن حلف لا يتوضأ من الرعاف فبال ثم رعف ثم توضأ أنه يحنث.
وإن قلنا لا يوجب كما قدمنا النظر فيه في باب الغسل فالأوجه ما في النهاية وهو الحق في
(٦٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 649 650 651 652 653 654 655 656 657 658 659 ... » »»
الفهرست