البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٦٥٨
في بابه. وقد ذكر هنا اثني عشر مسألة ولقبها اثنا عشرية عند أصحابنا وهي مشهورة عندهم بهذه النسبة إلا أن هذا الاطلاق غير جائز من حيث العربية لأنه إنما ينسب إلى صدر العدد المركب في مثله بعد أن يكون علما على ما عرف في فنه، فيقال في النسبة إلى خمسة عشر علما على رجل أو غيره خمسي، وأما إذا لم يكن مسمى به وأريد به العدد فلا ينسب إليه أصلا لأن الجزأين حينئذ مقصود أن بالمعنى، فلو حذف أحدهما اختل المعنى، ولو لم يحذف استثقل. قالوا: وقد زيد عليها مسائل فمنها: إذا كان يصلي بالثوب النجس فوجد ماء يغسل به وهو مستفاد من مسألة ما إذا وجد العاري ثوبا. ومنها ما إذا كان يصلي القضاء فدخل عليه الأوقات المكروهة وهو مستفاد من مسألة طلوع الشمس في الفجر. ومنها إذا خرج الوقت على المعذور وهي ترجع إلى ظهور الحدث السابق. ومنها الأمة إذا كانت تصلي بغير قناع فأعتقت في هذه الحالة ولم تستتر من ساعتها، وهو مستفاد مما إذا وجد العاري ثوبا، ففي التحقيق لا زيادة على ما هو المشهور، وحاصلها يرجع إلى ظهور الحدث السابق وقوة حاله بعد ضعفها وطرو الوقت الناقص على الكامل. وفي السراج الوهاج: إن الصلاة في هذه المسائل إذا بطلت لا تنقلب نفلا إلا في ثلاث مسائل وهو ما إذا تذكر فائتة أو طلعت الشمس أو خرج وقت الظهر في يوم الجمعة. أطلق المصنف في بطلانها بهذه العوارض فشمل ما قبل القعود وما بعده، ولا خلاف في بطلانها في الأول، وأما في حدوثها بعده فقال أبو حنيفة بالبطلان، وقالا بالصحة لأنه معنى مفسد لها فصار كالحدث والكلام وقد حدثت بعد التمام فلا فساد. واختلف المشايخ على قول أبي حنيفة، فذهب البردعي إلى أنه إنما قال بالبطلان لأن الخروج من الصلاة بصنع المصلي فرض عنده لأنها لا تبطل إلا بترك فرض ولم يبق عليه سوى الخروج بصنعه، وتبعه على ذلك العامة كما في العناية.
وذهب الكرخي إلى أنه لا خلاف بينهم أن الخروج بصنعه منها ليس بفرض لقوله صلى الله عليه وسلم لابن مسعود إذا قلت هذا أو فعلت هذا فقد تمت صلاتك، فإن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد وليس فيه نص عن أبي حنيفة، وإنما استنبطه البردعي من هذه المسائل وهو غلط منه لأنه لو كان فرضا كما زعمه لاختص بما هو قربه وهو السلام، وإنما حكم
(٦٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 653 654 655 656 657 658 659 660 661 662 663 ... » »»
الفهرست