وفدكم فيما بينكم وبين ربكم وذكر الشارح وغيره أن الفاسق إذا تعذر منعه يصلي الجمعة خلفه، وفي غيرها ينتقل إلى مسجد آخر. وعلل له في المعراج بأن في غير الجمعة يجد إماما غيره فقال في فتح القدير: وعلى هذا فيكره الاقتداء به في الجمعة إذا تعددت إقامتها في المصر على قول محمد وهو المفتى به، لأنه بسبيل من التحول حينئذ.
وفي السراج الوهاج: فإن قلت فما الأفضلية أن يصلي خلف هؤلاء أو الانفراد؟ قيل:
أما في حق الفاسق فالصلاة خلفه أولى لما ذكر في الفتاوى كما قدمناه، وأما الآخرون فيمكن أن يكون الانفراد أولى لجهلهم بشروط الصلاة، ويمكن أن يكون على قياس الصلاة خلف الفاسق والأفضل أن يصلي خلف غيرهم اه. فالحاصل أنه يكره لهؤلاء التقدم ويكره الاقتداء بهم كراهة تنزيهه، فإن أمكن الصلاة خلف غيرهم فهو أفضل وإلا فالاقتداء أولى من الانفراد. وينبغي أن يكون محل كراهة الاقتداء بهم عند وجود غيرهم وإلا فلا كراهة كما لا يخفى. وأشار المصنف إلى أنه لو اجتمع معتق وحر أصلي فالحر الأصلي أولى بعد الاستواء في العلم والقراءة كما في الخلاصة، وأما المبتدع فهو صاحب البدعة وهي كما في المغرب اسم من ابتدع الامر إذا ابتدأه وأحدثه كالرفقة من الارتفاق والخلفة من الاختلاف، ثم غلبت على ما هو زيادة في الدين أو نقصان منه اه. وعرفها الشمني بأنها ما أحد ث على خلاف الحق المتلقى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من علم أو عمل أو حال بنوع شبهة واستحسان وجعل دينا قويما وصراطا مستقيما اه. وأطلق المصنف في المبتدع فشمل كل مبتدع هو من أهل قبلتنا. وقيده في المحيط والخلاصة والمجتبى وغيرها بأن لا تكون بدعته تكفره، فإن كانت تكفره فالصلاة خلفه لا تجوز. وعبارة الخلاصة هكذا: وفي الأصل الاقتداء بأهل الأهواء جائز إلا الجهمية والقدرية والروافض الغالي ومن يقول بخلق القرآن والخطابية والمشبهة. وجملته أن من كان من أهل قبلتنا ولم يغل في هواه حتى يحكم بكفره تجوز الصلاة خلفه وتكره، ولا تجوز الصلاة خلف من ينكر شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم أو ينكر الكرام الكاتبين أو ينكر الرؤية لأنه كافر. وإن قال إنه لا يرى لجلاله وعظمته فهو مبتدع. والمشبه إن قال إن لله يدا أو رجلا كما للعباد فهو كافر، وإن قال إنه جسم لا كالأجسام فهو مبتدع. والرافضي إن فضل عليا على غيره فهو مبتدع، وإن أنكر خلافة الصديق فهو كافر. ومن أنكر الاسراء من مكة إلى بيت المقدس فهو كافر، ومن أنكر المعراج من بيت المقدس فليس بكافر اه. وألحق في فتح القدير عمر