فيه وفيما لا يجهر فيه. قال: وبه نأخذ وهو قول أبي حنيفة. ويجاب عنه بأن صاحب الهداية لم يجزم بأنه قول محمد بل ظاهره أنها رواية ضعيفة. وفي فتح القدير: والحق أن قول محمد كقولهما. والمراد من الكراهة كراهة التحريم، وفي بعض العبارات أنها لا تحل خلفه وإنما لم يطلقوا اسم الحرمة عليها لما عرف من أن أصلهم أنهم لا يطلقونها إلا إذا كان الدليل قطعيا، ودعوى الاحتياط في القراءة خلفه ممنوعة بل الاحتياط تركها لأنه العمل بأقوى الدليلين، وقد روي عن عدة من الصحابة فساد الصلاة بالقراءة خلفه فأقواهما المنع. وأشار بقوله بل يستمع وينصت إلى آخره إلى أن الآية نزلت في الصلاة وهي قوله تعالى * (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون) * وهو قول أكثر أهل التفسير. ومنهم من قال: نزلت في الخطبة. قال في الكافي: ولا تنافي بينهما فإنما أمروا بهما فيها لما فيها من قراءة القرآن. وحاصل الآية أن المطلوب بها أمران: الاستماع والسكوت، فيعمل بكل منهما والأول يخص الجهرية، والثاني لا. فيجري على إطلاقه فيجب السكوت عند القراءة مطلقا. ولما كان العبرة إنما هو لعموم اللفظ لا لخصوص السبب وجب الاستماع لقراءة القرآن خارج الصلاة أيضا ولهذا قال في الخلاصة: رجل يكتب الفقه وبجنبه رجل يقرأ القرآن ولا يمكنه استماع القرآن فالاثم على القارئ. وعلى هذا لو قرأ على السطح في الليل جهرا والناس نيام يأثم. وفي القنية وغيرها: الصبي إذا كان يقرأ القرآن وأهله يشتغلون بالاعمال ولا يستمعون إن كان شرعوا في العمل قبل قراءته لا يأثمون وإلا أثموا. وقوله وإن للوصل، وآية الترغيب هي ما كان فيها ذكر الجنة أو الرحمة، وآية الترهيب ما كان فيها ذكر النار.
والترهيب التخويف وفي عبارته رعاية الأدب حيث قال يستمع وينصت ولم يقل لا يسأل الجنة ولا يتعوذ من النار وإنما لم يسأل ويتعوذ لما فيه من الاخلال بفرض الاستماع، ولان الله تعالى وعده بالرحمة إذا استمع وأنصت ووعده حتم وإجابة الدعاء غير مجزوم به خصوصا المتشاغل عن سماع القرآن بالدعاء. والضمير في قوله قرأ راجع إلى الإمام، وكذا في خطب وصلى وحينئذ فلفظ المؤتم حقيقة بالنسبة إلى قوله وإن قرأ آية الترغيب والترهيب مجاز باعتبار ما يؤول بالنسبة إلى الخطبة والصلاة، ويجوز الجمع بين الحقيقة والمجاز بلفظ واحد عند كثير من العلماء، وبهذا اندفع ما ذكره الشارح من الخلل في عبارة المختصر. واستثنى