(ثم الأقرأ) محتمل لشيئين: أحدهما أن يكون المراد به أحفظهم للقرآن وهو المتبادر.
الثاني أحسنهم تلاوة للقرآن باعتبار تجويد قراءته وترتيلها، وقد اقتصر العلامة تلميذ المحقق ابن الهمام في شرح زاد الفقير عليه. قوله: (ثم الأورع) أي الأكثر اجتنابا للشبهات. والفرق بين الورع والتقوى أن الورع اجتناب الشبهات. والتقوى اجتناب المحرمات، ولم يذكر الورع في الحديث السابق وإنما ذكر فيه بعد القراءة الهجرة لأنها كانت واجبة في ابتداء الاسلام قبل الفتح، فلما انتسخت بعده أقمنا الورع مقامها. واستثنى في معراج الدراية من نسخ وجوبها بعده ما إذا أسلم في دار الحرب فإنه تلزمه الهجرة إلى دار الاسلام لكن الذي نشأ في دار الاسلام أولى منه إذا استويا فيما قبلها.
قوله: (ثم الاسن) لحديث مالك بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ولصاحب له: إذا حضرت الصلاة فأذنا ثم أقيما ثم ليؤمكما أكبر كما. وقد استويا في الهجرة والعلم والقراءة. وعلل له في البدائع بأن من امتد عمره في الاسلام كان أكثر طاعة، وهو يدل على أن المراد بالاسن الأقدم إسلاما، ويشهد له حديث الصحيحين المتقدم من قوله فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم إسلاما فعلى هذا لا يقدم شيخ أسلم قريبا على شاب نشأ في الاسلام أو أسلم قبله، وكلام المصنف ظاهر في تقدم الأورع على الاسن، وهكذا في كثير من الكتب، وفي المحيط ما يخالفه فإنه قال: وإن كان أحدهما أكبر والآخر أورع فالأكبر أولى إذا