البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٦٠٧
قوله: (والأعلم أحق بالإمامة) أي أولى بها ولم يبين المعلوم، وفسره في المضمرات بأحكام الصلاة، وفي السراج الوهاج بما يصلح الصلاة ويفسدها، وفي غاية البيان بالفقه وأحكام الشريعة، والظاهر هو الأول ويقرب منه الثاني. وأما الثالث فمحمول على الأول لظهور أنه ليس المراد من الفقه غير أحكام الصلاة، ولهذا وقع في عبارة أكثرهم الأعلم بالسنة باعتبار أن أحكام الصلاة لم تستفد إلا من السنة. وأما الصلاة في الكتاب فمجملة، وقدم أبو يوسف الأقرأ لحديث الصحيحين يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم إسلاما، ولا يؤم الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه (1) وأجاب عنه في الهداية بأن اقرأهم كان أعلمهم لأنهم كانوا يتلقونه بأحكامه فقدم في الحديث ولا كذلك في زماننا فقدمنا الأعلم، ولان القراءة يفتقر إليها الركن واحد والعلم لسائر الأركان. وفي فتح القدير: وأحسن ما يستدل به للمذهب حديث مروا أبا بكر فليصل بالناس وكان ثمة من هو أقرأ منه بدليل قوله عليه الصلاة والسلام أقرؤكم أبي وكان أبو بكر أعلمهم بدليل قول أبي سعيد: كان أبو بكر أعلمنا. وهذا آخر الامر من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي الخلاصة: الأكثر على تقديم الأعلم فإن كان متبحرا في علم الصلاة لكن لم يكن له حظ في غيره من العلوم فهو أولى اه‍. وقيد في المجتبى الأعلم بأن يكون مجتنبا للفواحش الظاهرة وإن لم يكن ورعا. وقيد في السراج الوهاج تقديم الأعلم بغير الإمام الراتب، وأما الإمام الراتب فهو أحق من غيره وإن كان غيره أفقه منه. وقيد الشارح وجماعة تقديم الأعلم بأن يكون حافظا من القرآن قدر ما تقوم به سنة القراءة، وقيده المصنف في الكافي بأن يكون حافظا قدر ما تجوز به الصلاة، وينبغي أن يكون المختار قولا ثالثا وهو أن يكون حافظا للقدر المفروض والواجب ولم أره منقولا لكن القواعد لا تأباه لأن الواجب مقتضاه الاثم بالترك ويورث النقصان في الصلاة.
(٦٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 602 603 604 605 606 607 608 609 610 611 612 ... » »»
الفهرست