لم يكن فيه فسق ظاهر اه. وأشار المصنف إلى أنهما لو استويا في سائر الفضائل إلا أن أحدهما أقدم ورعا قدم، وقد صرح به في فتح القدير. ثم اقتصر المصنف على هذه الأوصاف الأربعة أعني العلم والقراءة والورع والسن، وقد ذكروا أوصافا آخر. ففي المحيط: فإن استويا في السن قالوا أحسنهما خلقا أولى، فإن استويا فأحسنهما وجها أولى. وفسر الشمني الخلق بالألف بين الناس، وفسر المصنف في الكافي أحسنهم وجها بأكثرهم صلاة بالليل للحديث من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار وإن كان ضعيفا عند المحدثين. وذكر في البدائع أنه لا حاجة إلى هذا التكلف بل يبقى على ظاهره لأنه صباحة الوجه سبب لكثرة الجماعة خلفه. وقدم في فتح القدير الحسب على صباحة الوجه، فإن استووا فأشرفهم نسبا.
وزاد الإمام الأسبيجابي على ذلك أوصافا ثلاثة أخرى وهي: فإن استووا فأكبرهم رأسا وأصغرهم عضوا، فإن استووا فأكثرهم مالا أولى حتى لا يطلع على الناس، فإن استووا في ذلك فأكثرهم جاها أولى. وزاد في المعراج ثاني عشر وهو أنظفهم ثوبا. واختلف في المسافر مع المقيم قيل هما سواء، وقيل المقيم أولى، وينبغي ترجيحه كما لا يخفى. وفي الخلاصة:
وإن اجتمعت هذه الخصال في رجلين فإنه يقرع بينهما أو الخيار إلى القوم. وأشار المصنف بالأحقية إلى أن القوم لو قدموا غير الأقرأ مع وجوده فإنهم قد أساءوا ولكن لا يأثمون كما في التنجيس وغيره. وهذا كله فيما إذا لم يكونا في بيت شخص، أما إذا كانا في بيت إنسان فإنه يكره أن يؤم ويؤذن. وصاحب البيت أولى بالإمامة إلا أن يكون معه سلطان أو قاض فهو أولى لأن ولايتهما عامة. كذا ذكر الأسبيجابي، ويشهد له حديث الصحيحين السابق.
وفي السراج الوهاج: ويقدم الوالي على الجميع وعلى إمام المسجد، وصاحب البيت والمستأجر أولى من المالك لأنه أحق بمنافعه، وكذا المستعير أولى من المعير اه. وفي تقديم المستعير نظر لأن للمعير أن يرجع أي وقت شاء بخلاف المؤجر. وفي الخلاصة وغيرها: رجل أم قوما وهم له كارهون، إن كانت الكراهية لفساد فيه أو لأنهم أحق بالإمامة يكره له ذلك، وإن كان هو حق بالإمامة لا يكره له ذلك اه. وفي بعض الكتب: والكراهة على القوم وهو ظاهر لأنها ناشئة عن الأخلاق الذميمة. وينبغي أن تكون تحريمية في حق الإمام في صورة الكراهة لحديث أبي داود عن ابن عمر مرفوعا ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة: من تقدم قوما وهم له كارهون، ورجل أتى الصلاة دبارا. والدبار أن يأتيها بعد أن تفوته - ورجل اعتبد محرره (1) كذا في شرح المنية.