البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٥٦٢
أيضا مقدار الرفع الذي يكون فاصلا بين السجدتين للاختلاف فيه، فإن فيه أربع روايات عن أبي حنيفة صحح صاحب الهداية أنه إن كان إلى القعود أقرب جاز، وإن كان إلى السجود أقرب لا يجوز لأنه يعد ساجدا. وصحح صاحب البدائع أنه إن كان بحيث لا يشكل على الناظر أنه رفع يجوز. وصحح صاحب المحيط أنه يكتفي بأدنى ما ينطلق عليه اسم الرفع.
والرواية الرابعة أنه إذا رفع رأسه مقدار ما يمر الريح بينه وبين الأرض جاز، ولم أر من صححها. وظاهر كلام المصنف في الكافي أنها تعود إلى الرواية الثالثة المصححة في المحيط واختارها فيه، وذكر أنها القياس لتعلق الركنية بالأدنى في سائر الأركان. قوله (وكبر وسجد مطمئنا) وقد تقدم حكم الطمأنينة.
قوله (وكبر للنهوض بلا اعتماد وقعود) لحديث أبي داود: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يعتمد الرجل على يديه إذا نهض في الصلاة. وفي حديث وائل بن حجر في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: وإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد على فخذيه. ولحديث الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهض في الصلاة على صدور قدميه. قال الترمذي: إن عليه العمل عند أهل العلم. وأما ما رواه البخاري عن مالك بن الحويرث أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدا. فمحمول على حالة الكبر كما في الهداية، ويرد عليه أن هذا الحمل يحتاج إلى دليل وقد قال عليه الصلاة والسلام لمالك بن الحويرث لما أراد أن يفارقه: صلوا كما رأيتموني أصلي. ولم يفصل فكان الحديث حجة للشافعي، فالأولى أن يحمل على تعليم الجواز فلذا والله أعلم قال في الفتاوى الظهيرية قال شمس الأئمة الحلواني:
إن الخلاف إنما هو في الأفضلية حتى لو فعل كما هو مذهب الشافعي لا بأس به عندنا اه‍.
وكذا ترك الاعتماد مستحب لمن ليس به عذر عندنا على ما هو ظاهر كثير من الكتب المشهورة. قال الوبري: لا بأس بأن يعتمد براحتيه على الأرض عند النهوض من غير فصل بين العذر وعدمه. ومثله ما في المحيط عن الطحاوي: لا بأس بأن يعتمد بيديه على الأرض شيخا كان أو شابا. وهو قول عامة العلماء اه‍. والأوجه أن يكون سنة فتركه يكره تنزيها لما تقدم من النهي. وذكر الشارح أنه يكره تقديم إحدى الرجلين عند النهوض، ويستحب
(٥٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 557 558 559 560 561 562 563 564 565 566 567 ... » »»
الفهرست