البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٥٥٧
العمامة وكورها دارها على رأسه، وهذه العمامة عشرة أكوار وعشرون كورا. كذا في المغرب. وهو بفتح الكاف كما ضبطه ابن أمير حاج لحديث الصحيحين كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه. وذكر البخاري في صحيحه قال الحسن: كان القوم يسجدون على العمامة والقلنسوة فدل ذلك على الصحة، وإنما كره لما فيه من ترك نهاية التعظيم. وما في التنجيس من التعليل بترك التعظيم راجع إليه والافتراك التعظيم أصلا مبطل للصلاة، وقد نبه العلامة ابن أمير حاج هنا تنبيها حسنا وهو أن صحة السجود على الكور إذا كان الكور على الجبهة أو بعضها، أما إذا كان على الرأس فقط وسجد عليه ولم تصب جبهته والأرض على القول بتعيينها ولا أنفه على القول بعدم تعيينها، فإن الصلاة لا تصح لعدم السجود على محله، وكثير من العوام يتساهل في ذلك ويظن الجواز. وظاهر أن الكراهة تنزيهية لنقل فعله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من السجود على العمامة تعليما للجواز فلم تكن تحريمية، وقد أخر أبو داود عن صالح بن حيوان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسجد وقد اعتم على جبهته فحسر عن جبهته إرشادا لما هو الأفضل والأكمل. ولا يخفى أن محل الكراهة عند عدم العذر، أما معه فلا. وفي كلام المصنف اشتباه فإنه جعل الكراهة في الاقتصار على أحدهما وفي السجود على الكور واحدة، وقد حققنا أنها تحريمية في الأول تنزيهية في الثاني، فيراد بالكراهة طلب الكف عن فعلها طلبا غير جازم، سواء كان في الفعل إثم أو لا وأشار بالكور إلى أن كل حائل بينه وبين الأرض متصل به فإن حكمه كذلك يعني الصحة كما لو سجد على فاضل ثوبه أو كمه على مكان طاهر. وأما الكراهة ففي الذخيرة والمحيط: إذا بسط كمه وسجد عليه إن بسط ليقي التراب عن وجهه كره ذلك لأن هذا نوع تكبر، وإن بسط ليقي التراب على عمامته أو ثيابه لا يكره لعدمه. ونص قاضيخان على أن لا بأس به ولم يذكر كراهة. وفي الزاد: ولو سجد على كمه إن كان ثمة تراب أو حصاة لا يكره لأنه يدفع الأذى عن نفسه، وإن لم يكن جاز ويكره. والتوفيق بينهما بحمل ما في الذخيرة على ما إذا لم يخف ضررا وقصد الترفع فيكره تحريما، ويحمل ما ذكره قاضيخان على ما إذا لم يكن ترفعا ولم يخف أذى فيكره تنزيها وهي ترجع إلى خلاف الأولى، وكلمة لا بأس غالبا فيما تركه أولى. ويحمل ما في الزاد على ما إذا لم يكن ترفعا وخاف الأذى فيكون مباحا. وقيدنا بكون ما تحته طاهرا لأنه لو بسط كمه على نجاسة فالأصح عدم الجواز، ودل كلامه على أنه لو سجد على حائل بينه وبين الأرض منفصل عنه فإنه يصح بالأولى كالسجادة والحصير. وذكر الأكمل في تقريره أن الأولى للإمام
(٥٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 552 553 554 555 556 557 558 559 560 561 562 ... » »»
الفهرست