قوله (وسجد بأنفه وجبهته) أي سجد عليهما التحصيل الأكمل. والأنف اسم لما صلب وأما مالان منه فلا يجوز الاقتصار عليه بإجماعهم كما نقله غير واحد. والجبهة اسم لما يصيب الأرض مما فوق الحاجبين إلى قصاص الشعر حالة السجود، وعرفها بعضهم بأنها ما اكتنفه الجبينان. واعلم أن المأمور به في كتاب الله تعالى إنما هو السجود وهو في اللغة يطلق لطأطأه الرأس والانحناء وللخضوع وللتواضع وللميل كسجدت النخلة مالت، وللتحية كالسجود لآدم تكرمة له. كذا في ضياء الحلوم. وفي الشريعة: وضع بعض الوجه مما لا سخرية فيه فخرج الخد والذقن والصدغ ومقدم الرأس فلا يجوز السجود عليها، وإن كان من عذر بل معه يجب الايماء بالرأس. ولعله إنما قال تعالى * (يخرون للأذقان سجدا) * مع أن الذقن ليس محل السجود لأن الساجد أول ما يلقى به الأرض من وجهه الذقن وهو مجتمع اللحيين.
ووضع بعض الوجه يتحقق بالأنف كما في الجبهة فيجوز بالجبهة وحدها اتفاقا على ما عليه الجم الغفير من أهل المذهب. وما في المفيد والمزيد من أنه لا يتأدى الفرض عندهما إلا بوضعهما فخلاف المشهور عنهما، وإنما محل الاختلاف في الاقتصار على الانف فعنده يجوز مطلقا، وعندهما لا يجوز إلا من عذر بالجبهة كما صرح به صاحب الهداية، والوجه ظاهر للإمام رحمه الله لأن المأمور به السجود وهو ما قلنا. وأما ما في الصحيحين مرفوعا أمرت أن اسجد على سبعة أعظم على الجبهة وأشار بيده إلى أنفه واليدين والركبتين وأطراف القدمين ولا يكف الثياب والشعر (1) فلا يفيد الافتراض لأن ظني الثبوت قطعا وظني الدلالة على