البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٥٥٢
الركوع لادراك الجائي لا تقر بالله تعالى فهو مكروه. وفي الذخيرة والبدائع وغيرهما قال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة عن ذلك فقال: أخشى عليه أمرا عظيما يعني الشرك. وقد وهم بعضهم في فهم كلام الإمام فاعتقد منه أن يصير المنتظر مشركا يباح دمه فأفتى بإباحة دمه، وهكذا ظن صاحب منية المصلي فقال: يخشى عليه الكفر، ولا يكفر وكل منهما غلط ولم يرده الإمام رحمه الله تعالى بل أراد أنه يخاف عليه الشرك في عمله الذي هو الرياء وإنما لم يقطع بالرياء في عمله لما أنه غير مقطوع به لوجود الاختلاف فإنه نقل عن الشعبي أنه لا بأس به وهو قول الشافعي في القديم وقد نهى الله عن الاشراك في العمل بقوة تعالى * (فمن كان يرجو لقاء ربه) * (الكهف: 110) الآية. وأعجب منه ما نقله في المجتبى عن البلخي أنه تفسد صلاته ويكفر.
ثم نقل بعده عن الجامع الأصغر أنه مأجور على ذلك لقوله تعالى * (وتعاونوا على البر والتقوى) * (المائدة: 2) وعن أبي الليث أنه حسن. وعنه التفصيل بين أن يعرف الجائي فلا أو لا فنعم.
وأشار المصنف إلى أنه لا يأتي في ركوعه وسجوده بغير التسبيحات، وما ورد في السنة من غيرها فمحمول على النوافل تهجدا أو غيره. ولو رفع الإمام رأسه قبل أن يتم المأموم التسبيحات فيه روايتان أصحهما وجوب المتابعة بخلاف ما لو سلم قبل أن يتم المقتدي التشهد فإنه لا يتابعه لأن قراءة التشهد واجبة. كذا في فتاوى قاضيخان.
قوله (ثم رفع رأسه) أي من الركوع، وقد تقدم حكم هذا الرفع في عد الواجبات قوله (واكتفى الإمام بالتسميع والمؤتم والمنفرد بالتحميد) لحديث الصحيحين إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد (1) فقسم بينهما والقسمة تنافي الشركة فكان حجة على أبي يوسف ومحمد القائلين بأن الإمام يجمع بينهما استدلالا بأنه عليه السلام كان يجمع بينهما لأن القول مقدم على الفعل وحجة على الشافعي في قوله إن المقتدي يجمع بين الذكرين أيضا، وحكاه الأقطع رواية عن أبي حنيفة وهو غريب فإن صاحب الذخيرة نقل أنه لا يأتي بالتسميع بلا خلاف بين أصحابنا. وأما المنفرد ففيه ثلاثة أقوال: الأول أنه يأتي بالتسميع لا غير وهو رواية المعلى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة، وينبغي أن لا يعول عليها ولم أر من صححها.
(٥٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 547 548 549 550 551 552 553 554 555 556 557 ... » »»
الفهرست