خلاف فيه بناء على أن لفظ أمرت مستعمل في الوجوب والندب الذي هو الأعم بمعنى طلب مني ذلك أو في الندب أو في الوجوب. فقولهما بالافتراض مشكل لأنه يلزمهما الزيادة على الكتاب بخبر الواحد وهما يمنعانه في الأصول كأبي حنيفة، فلذا قال المحقق ابن الهمام: فجعل بعض المتأخرين الفتوى على الرواية الأخرى الموافقة لقولهما لم يوافقه دراية ولا القوي من الرواية. هذا ولو حمل قولهما لا يجوز الاقتصار إلا من عذر على وجوب الجمع كان أحسن إذ يرتفع الخلاف بناء على ما حملنا الكراهة منه عليه من كراهة التحريم ولم يخرجا عن الأصول اه. فالحاصل أنه لا خلاف بينهم، فقول الإمام بكراهة الاقتصار على الانف المراد بها كراهة التحريم وهي في مقابلة ترك الواجب، وقولهما بعدم الجواز المراد به عدم الحل وهو كراهة التحريم، فالسجود على الجبهة واجب اتفاقا لأن مقتضى الحديث والمواظبة المروية في سنن الترمذي كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد مكن جبهته وأنفه بالأرض وقال حديث حسن صحيح. وهكذا في صحيح البخاري لكن هذا يقتضي وجوب السجود على الانف كالجبهة لأن المواضبة المنقولة تعمهما مع أن المنقول في البدائع والتحفة والأخيار عدم الكراهة بترك السجود على الانف، وظاهر ما في الكتاب يخالفه فإنه قال: وكره أي الاقتصار على أحدهما، سواء كان الجبهة أو الانف. وهي عند الاطلاق منصرفة إلى كراهة التحريم، وهكذا في المفيد والمزيد. فالقول بعدم الكراهة ضعيف. وخرج أيضا بقولنا مما لا سخرية فيه ما إذا رفع قدميه في السجود فإنه لا يصح لأن السجود مع رفعهما بالتلاعب أشبه منه
(٥٥٥)