البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٣٨٨
النجاسة اه‍. فعلم به أن المسح بالأرض لا يطهر إلا بشرط ذهاب أثر النجاسة وإلا لا يطهر.
وأطلق الجرم فشمل ما إذا كان الجرم منها أو من غيرها بأن ابتل الخف بخمر فمشى به على رمل، أو رماد فاستجمد فمسحه بالأرض حتى تناثر طهر وهو الصحيح. كذا في التبيين. ثم الفاصل بينهما أن كل ما يبقى بعد الجفاف على ظاهر الخف كالعذرة والدم فهو جرم، وما لا يرى بعد الجفاف فليس بجرم، واشتراط الجرم قول الكل لأنه لو أصابه بول فيبس لم يجزه حتى يغسله لأن الاجزاء تتشرب فيه فاتفق الكل على أن المطلق مقيد، فقيده أبو يوسف بغير الرقيق، وقيداه بالجرم والجفاف. وإنما قيده أبو يوسف به لأنه مفاد بقوله طهور أي مزيل، ونحن نعلم أن الخف إذا تشرب البول لا يزيله المسح، فإطلاقه مصروف إلى ما يقبل الإزالة بالمسح. كذا في النهاية والعناية. وتعقبه في فتح القدير بأنه لا يخفى ما فيه إذ معنى طهور مطهر واعتبر ذلك شرعا بالمسح المصرح به في الحديث الآخر الذي ذكرناه مقتصرا عليه، وكما لا يزيل ما تشرب به من الرقيق كذلك لا يزيل ما تشرب من الكثيف حال الرطوبة على ما هو المختار للفتوى باعتراف هذا المجيب. والحاصل فيه بعد إزالة الجرم كالحاصل قبل الدلك في الرقيق فإنه لا يشرب إلا ما في استعداده قبوله وقد يصيبه من الكثيفة الرطبة مقدار كثير يشرب من رطوبته مقدار ما يشربه من بعض الرقيق اه‍. وقد يفرق بأن التشرب وإن كان موجودا فيهما لكن عفي عنه في التشرب من الكثيف حال الرطوبة للضرورة والبلوى، ولأنا نعلم أن الحديث يفيد طهارتها بالدلك مع الرطوبة إذ ما بين المسجد والمنزل ليس مسافة يجف في مدة قطعها ما أصاب الخف رطبا، ولم يعف عن التشرب في الرقيق لعدم الضرورة والبلوى إذ قد جوزوا كون الجرم من غيرها بأن يمشي به على رمل أو تراب فيصير لها جرم فتطهر بالدلك فحيث أمكنه ذلك لا ضرورة في التطهير بدونه والله سبحانه أعلم. وذكر المصنف الدلك بالأرض تبعا لرواية الأصل وهو المسح فإنه ذكر في الأصل إذا مسحهما بالتراب يطهر. وفي الجامع الصغير: إنه إن حكه أو حته بعدما يبس طهر. قال في النهاية قال مشايخنا: لولا المذكور في الجامع الصغير لكنا نقول إنه إذا لم يمسحهما بالتراب لا يطهر لأن المسح بالتراب له أثر في باب الطهارة فإن محمدا قال في المسافر إذا أصاب يده نجاسة يمسحها بالتراب. فأما الحك فلا أثر له في باب الطهارة، فالمذكور في الجامع الصغير بين أن
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»
الفهرست