البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٣٨٦
صرح بكون المستعمل مزيلا القدوري في مختصره. وفي النهاية: إنما يتصور على رواية محمد عن أبي حنيفة وأما على رواية أبي يوسف فهو نجس فلا يزيل النجاسة وقد قدمنا الكلام عليه في بحث الماء المستعمل. ثم أعلم أن القياس يقتضي تنجس الماء بأول الملاقاة للنجاسة لكن سقط للضرورة، سواء كان الثوب في إجانة وأورد الماء عليه أو كان الماء فيها وأورد الثوب المتنجس عليه، عندنا فهو طاهر في المحل نجس إذا انفصل سواء تغير أو لا. وهذا في الماءين بالاتفاق وأما الماء الثالث فهو طاهر عندهما إذا انفصل أيضا لأنه كان طاهرا وانفصل عن محل طاهر، وعند أبي حنيفة نجس لأن طهارته في المحل ضرورة تطهيره وقد زالت.
وإنما حكم شرعا بطهارة المحل عند انفصاله ولا ضرورة في اعتبار الماء المنفصل ظاهرا مع مخالصة النجس بخلاف الماء الرابع فإنه لم يخالطه ما هو محكوم شرعا بنجاسته في المحل فيكون طاهرا. وأما عند الشافعي فإنما سقط هذا القياس في الماء الوارد على النجاسة، أما في الماء الذي وردت عليه النجاسة فلا يطهر عنده. وعلى هذا فالأولى في غسل الثوب النجس وضعه في الإجانة من غير ماء ثم صب الماء عليه لا وضع الماء أولا ثم وضع الثوب فيه خروجا من الخلاف. ولما سقط ذلك القياس عندنا مطلقا لم يفرق محمد بين تطهير الثوب النجس في الإجانة والعضو النجس بأن يغسل كلا منهما في ثلاث إجانات طاهرات أو ثلاثا في إجانة بمياه طاهرة ليخرج من الثالث طاهرا. وقال أبو يوسف بذلك في الثوب خاصة، أما العضو المتنجس إذا غمس في إجانات طاهرات نجس الجميع ولا يطهر بحال بل بأن يغسل في ماء جار أو يصب عليه لأن القياس يأبى حصول الطهارة لهما بالغسل في الأواني فسقط في الثياب للضرورة وبقي في العضو لعدمها. وهذا يقتضي أنه لو كان المتنجس من الثوب موضعا صغيرا فلم يصب الماء عليه وإنما غسله في الاناء فإنه لا يطهر عند أبي يوسف لعدم الضرورة لتيسر الصب. وعلى هذا جنب اغتسل في آبار ولم يكن استنجى تنجس كلها وإن كثرت، وإن كان استنجى صارت فاسدة ولم يطهر عند أبي يوسف. وقال محمد: إن لم يكن استنجى يخرج من الثالثة طاهرا وكلها نجسة، وإن كان استنجى يخرج من الأولى طاهرا وسائرها مستعملة. كذا في المصفى. وينبغي تقييد الاستعمال بما إذا قصد القربة عنده. كذا
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 ... » »»
الفهرست