البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٣٧٧
من أول الوقت إلى أخره لأنه إنما يصير صاحب عذر ابتداء فإنه يشترط لثبوته ابتداء دوام السيلان من أول الوقت إلى آخره لأنه إنما يصير صاحب عذر ابتداء إذا لم يجد في وقت صلاة زمانا يتوضأ فيه ويصلي خاليا عن الحدث الذي ابتلى به اه‍. فالحاصل أن صاحب العذر ابتداء من استوعب عذره تمام وقت صلاة ولو حكما لأن الانقطاع اليسير ملحق بالعدم وفي البقاء من وجد عذره في جزء من الوقت، وفي الزوال يشترط استيعاب الانقطاع حقيقة. وفي السراج الوهاج: للمستحاضة وضوءان: كامل وناقص، فالكامل أن تتوضأ والدم منقطع فهذه لا يضرها خروج الوقت إذا لم يسل إلى خرجه، والناقص أن تتوضأ وهو سائل فهذه يضرها خروجه، سال بعد ذلك أولا. ولها انقطاعان: كامل وناقص. فالكامل أن ينقطع وقتا كاملا فهذا يوجب الزوال ويمنع اتصال الدم الثاني بالأول، والناقص أن ينقطع دونه فهذا لا يزيله ويكون ما بعده كدم متصل. وبيانه إذا زالت الشمس ودمها سائل فتوضأت على السيلان ثم انقطع قبل الشروع في صلاة الظهر أو بعده قبل القعود قدر التشهد أو بعده قبل السلام عند الإمام ودام الانقطاع حتى خرج وقت الظهر انتقض وضوءها لأنه ناقص فأفسده خروج الوقت، ثم إذا توضأت للعصر فتم الانقطاع حتى غربت الشمس لم ينتقض وضوءها لأنه كامل فلا يضره الخروج، ولكن عليها إعادة الظهر لأن دمها انقطع وقتا كاملا وتبين أنها صلت الظهر بطهارى العذر والعذر زائل، ولا يجب عليها إعادة العصر لأن فساد الظهر إنما عرف بعد الغروب. وأما إذا كان دمها انقطع بعدما فرغت من صلاة الظهر أو بعد القعود قدر التشهد على قولهما فإنها لا تعيد الظهر لأن عذرها زال بعد الفراغ كالمتيمم إذا رأى الماء بعد الفراغ من الصلاة اه‍. وظن القوام الأتقاني في غاية البيان أن ما ذكر في المتن تعريف للمستحاضة فأورد عليه الحائض والنفساء لأن الحائض قد تكون بهذه المثابة بأن لا يمضي عليها وقت إلا وهو يوجد فيه، واختار تعريفا للمستحاضة بأنها هي التي ترى الدم مستغرقا وقت صلاة في الابتداء من غير شرط استمرار في البقاء في زمان لا يعتبر من الحيض والنفاس اه‍. وليس كما ظن بل هو شرط لها لا تعريف وقد قدمنا تعريف الاستحاضة.
قوله: (والنفاس دم يعقب الولد) شرعا. وفي اللغة هو مصدر نفست المرأة بضم النون وفتحها إذا ولدت فهي نفساء وهن نفاس. وإنما سمى الدم به لأن النفس التي هي اسم لجملة الحيوان قوامها بالدم، وقولهم النفاس هو الدم الخارج عقيب الولد تسمية بالمصدر كالحيض.
فأما اشتقاقه من تنفس الرحم أو خروج النفس بمعنى الولد فليس بذاك. كذا في المغرب. وأفاد
(٣٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 ... » »»
الفهرست